امرأة العقاپ لندى محمود
المحتويات
هو الشرفة فهرولت إليها مسرعا ووقفت تتطلع إلى الأسفل تتفقد الحديقة تحديدا مكان سيارته وحين لم تجدها أصدرت تأففا مرتفعا في خنق وندم على ما تفوهت به بعدم وعي منها !
يقود بسيارته وسط منازل تلك المنطقة الشعبية لا يعرف كم عدد المرات الذي دخل فيها تلك المنطقة كانت الشوارع هادئة والمنازل مظلمة ولا يوجد أحد سوى القليل جدا أما أحد عائد من عمله أو شباب يجلسون مع بعضهم يقضون سهرتهم
وقفا أمام باب الشقة فأخرجت المفتاح ووضعته في القفل ثم فتحت الباب ودخلت أولا ثم تبعها هو وعيناه جعلت تتجول بجميع أرجاء المنزل الصغير والبسيط الأثاث كان كلاسيكيا أقل من درجة البساطة حتى والوان الحوائط بيضاء مائل لونها للأصفرار قليلا
خمس دقايق بالكتير وهرجعلك استناني هنا
هز رأسه بالإيجار في ابتسامة لينة بينما فهي فابتعدت وسارت تجاه غرفتها حتى دخلت وأغلقت الباب تحرك آدم نحو تلك الأريكة الصغيرة نسبيا وجلس فوقها وبقى يحدق في اللاشيء أمامه بصمت حتى وقعت عيناه على صورة موضوعة داخل حافظ الصور الزجاجي فاستقام واقفا والتقطها يحدق بها بابتسامة ساحرة كانت الصورة تجمعها هي وسيدة متقدمة في العمر وأدرك أنها جدتها المړيضة كانوا أمام شاطيء البحر وهي ترتدي بنطال جينز ومن الأعلى كنزة بحاملات عريضة وتترك شعرها يتطاير حولها بفعل نسمات الهواء ويديها تلفهم حول رقبة جدتها تضمها منها إليها بشكل لطيف
يمسك بصورتها هي وجدتها
دي تيتا !
الټفت برأسه لها وابتسم بحنو ثم غمغم في ثقة
إن شاء الله هتقوم بالسلامة اطمنى
اقتربت منه أكثر حتى وقفت بجواره تماما وتطلعت بالصورة التي بين يديه تهتف في مرارة وألم
تفتكر !
آدم بجدية وحزم بسيط بعدما رأى عيناها تمتلأ بالدموع من جديد
ومفيش عياط تاني إنتي من شايفة عينك بقى شكلها إزاي من كتر العياط !!
مهرة بضعف يراه بها لأول مرة منذ تعارفهم
ڠصب عني يا آدم كل ما اتخيل إنها ممكن متفوقش منها مش بقدر استحمل أنا مليش غيرها
بتلقائية مسك كفها كموع من بث الطمأنينة والقوة في نفسها
رفعت أناملها الواهنة تجفف دموعها وتتطلعه بلمعة مشاعر مختلفة وابتسامة ممتنة هامسة
متشكرة أوي بجد يا آدم أنا مش عارفة اشكرك إزاي على وقفتك جمبي
ضغط على كفها متعمدا يبتسم بعبث بسيط ويغمغم في مداعبة جميلة
أنا مش بعمل كدا عشان تشكريني ومكنتش هقدر اسيبك أصلا في الظروف دي الصراحة معرفش ليه بس أول ما عرفت إنك في المستشفى جيت فورا
سارت باتجاه الباب هامسة في ابتسامة منطفئة
مكنتش اعرف إني مهمة أوي كدا !!
رفع يده يحك عنقه بتفكير ثم يسير خلفها متمتما بمداعبة لطيفة حتى يخرجها من مود الحزن قليلا
لا مش اوي يعني ممكن تعتبريها جدعنة مني
اكتفت بتلك الابتسامتها المنطفئة التي تظهر فوق ثغرها دون أن تجيب وفتحت الباب حتى يغادروا وفور خروجه أغلقت الباب جيدا ثم نزلوا واستقلت بالسيارة معه من جديد ليعود بها لجدتها !
بصباح اليوم التالي
كانوا جميعهم حول طاولة الطعام أخيرا بعد غيابه لسنوات عنهم هاهو يعود ويشاركهم الطعام من جديد والحديث والضحك وكل
شيء كما اعتادوا
لكن منذ أن عاد بالأمس واستقبلته أمه وشقيقته بالسعادة والعناق والترحيب الحار وسط بكائهم وفرحتهم
بعودته لهم إلا أنهم شعروا بأن به شيء غريب وكأنه شيء عكر مزاجه وانتشل البهجة من على وجهه
والآن يجلس فوق مقعده يتناول الطعام بصمت بالواقع بل هو يعبث بصحنه دون أن يأكل مما أصاب أمه بالدهشة والقلق التي تبادلت النظرات مع ابنتها بحيرة ثم قالت تسأله باهتمام
هشام ياحبيبي مش بتاكل ليه !!
لم يرفع نظره عن الصحن إلا حين أجاب على سؤالها بسؤال آخر كان له أثره عليهم هم الاثنين
خبيتي عليا ليه أنها اتخطبت يا ماما !
توقفت شقيقته عن مضغ الطعام الذي بفهمها وثبتت نظرها على أخيها بدهشة وقلق من ردة فعله بينما أمها فابتلعت ريقها بتوتر وغمغمت بخفوت
محبتش ازود همك ياحبيبي احنا عارفين كويس إنت سافرت ليه
متابعة القراءة