لم يبق لنا إلا الوداع..بقلم منى أحمد حافظ

موقع أيام نيوز

جلسة التعارف إلى جلسة ودية تمنت ليان ألا تنتهي أبدا.
وبطريقه إلى منزله تأكد أمجد أنه وضع قدمه على أول طريق نجاحه وعلاقته برجل بمركز ومكانة ضياء علام ستفتح له الأبواب المغلقة رسم عقله صورة لليان بنظراتها الحالمة وصوتها الرقيق واهتمامها الواضح بتوطيد علاقتها به فجأة عنفه قلبه وذكره بمنار التي تمنى الارتباط بها وأحبها على مدار سنوات فزم شفتيه وأردف بحنق
طب بذمتك بقى ليان برقتها واهتمامها بيا وثقتها بنفسها ولا منار اللي بتفضل تبص حواليها وبتحسسني أننا بنسرق 
لزم أمجد الصمت وولج مسكنه قائلا
عموما هو مافيش أي وجه للمقارنة ما بينهم. 
تجهم وجهه واتجه إلى غرفته متعكر المزاج حانق من نفسه لتذكره رفضها فزفر قائلا
تبقى تخلي كسوفها ورفضها ينفعها لما أضيع منها و... 
تنبه عقله لما لجنوح أفكاره فنبهه بقوله
بس أنت لازم تخلي بالك إن منار مهما زعلتك بترجع تصالحك ودايما فالجد بتسمع كلامك وتنفذ لك اللي أنت عايزه ولما تبقى في بيتك عمرها ما هتعارضك عكس شخصية ليان اللي عايشة حياتها بالطول والعرض وبتفكر بدماغ والدها وما أظنش أنك هتقدر تفرض سيطرتك عليها لأنها هتجادلك فكل قرار تاخده علشان كده أنا عايزك تفكر كويس وبلاش تتسرع وتخسر منار.
جلس أمجد فوق فراشه يفكر فأدرك أن عليه المحافظة على بقاء منار بحياته فهي كوالدته ستسعى لإرضائه ولراحته ولن تقف عائقا أمام تحقيق طموحه ولكن عليه معاقبتها ليثأر لكرامته وليعلمها درسا لتطيعه فيما بعد فزفر بارتياح وتمدد فوق فراشه وأردف
وماله يا أمجد عاقبها وشوف هتعمل إيه وعلى أساسه أتصرف.

حاولت منار إلهاء نفسها بمذاكرتها حتى لا تستسلم لحزنها مجددا فيكفيها بكاؤها طيلة أسبوع لاختفائه كليا عنها زفرت لتطرد غصتها وحدقت بكتابها وأجبرت عقلها على استيعاب ما تقرأ بعد نحو الساعة أقرت منار أنها لا تعي أي معلومة لينتشلها من تيهها صوت طرقات أجفلتها فدفنت وجهها بكتابها باضطراب الذي ازداد حين حياها والدها فتركت كتابها بتوتر وسألته
محتاج حاجة أعملها لك يا بابا 
ابتسم شهدي وأجابها وهو يدنو منها
لا يا نور عيني تسلمي لي أنا قلت اطمن عليك وأشوفك لو كنت محتاجة لحاجة اعملهالك علشان عارف إن عندك امتحان بكرة ومعتكفة من امبارح على مذكرتك. 
أحست منار بالذنب لإهدار الوقت وتحركت نحوه واندست بين ذراعيه وأردفت
أنا خلصت وحليت أربع امتحانات وحليت كل المسائل اللي المستر بعتها أون لاين فإيه رأيك لو تسبقني على البلكونة على ما أروح أعمالنا كوبيتين شاي بالنعناع نعدل بيهم دماغنا. 
قبل شهدي رأسها وأردف
وماله يا حبيبتي وأهو تريحي لك شوية. 
شبت منار على أطراف أصابع قدميها وقبلت وجنته فربت شهدي وجنتها وردد بعض الأدعية ورافقها للخارج فأسرعت منار تعد الشاي ولحقت به وجلست بجواره قائلة
عارف يا بابا أنا ساعات بحس حالي مړعوپة من كتر ما بسمع اللي حواليا بيقولوا إن الثانوي صعب وإن كتير بيبذل مجهود بس مش بيوصل للي هو عايزه و... 
أوقفها والدها عن إكمال حديثها قائلا
لا يا منار اوعي يا بنتي تستسلمي لأي كلام المحبط ولا تفكري فيه ولو حصل وحد قاله قصادك سد ودانك عنه وطلعيه برا دماغك وتوكلي على الله واعملي اللي عليك وصدقيني يا بنتي ربنا مش هيضيع تعبك. 
أومأت منار وأردفت بتمن
نفسي أغمض عيني وأفتحها القيني خلصت ثانوي ودخلت هندسة لا وكمان لقيت شغل. 
ابتسم شهدي لطيبتها وأردفت
كله بالصبر يا بنتي بيجي وحتى لو ربنا ما أردش وډخلتي حاجة غير هندسة متزعليش وارضي بقضاء الله وحبي الكلية اللي هتدخليها وخليها حلمك الجديد. 
تجهم وجه منار وتساءلت هل يمكن ألا تحقق حلمها كما يقول والدها هزت رأسها بالنفي فهي حلمت منذ الصغر أن تصبح مهندسة وذات شأن تابعها والدها بشفقة ومد يده والتقط يدها وأردف
أنا مش بقولك الكلام دا علشان تزعلي وتضايقي وتشيلي الهم أنا بس خاېف عليك من خيبة الأمل ومش عايزك تشوفي الموضوع على أنه نهاية العالم لا يا بنتي أنا عايزك تعودي نفسك أنك تتأقلمي على أي مكان تلاقي نفسك فيه وتحبيه وتبذلي مجهود أكبر علشان تنجحي فيه يا منار مش المكان اللي بيعمل للبني آدم قيمة بالعكس الإنسان هو اللي بيعمل قيمة لكل حاجة فهماني. 
أومأت بابتسامة خجولة وأردفت
فاهمة بس يمكن أضايقت علشان طول عمري شايفة نفسي مهندسة فمش متخيلة أبقى حاجة تانية بس عموما كلام حضرتك صح وهحطه فاعتباري. 
وقفت شهدي ورمقها بحنو وأردف
ربنا يكملك بعقلك يا بنتي. 
وقفت منار بعد مغادرة والدها تحدق بالمارة وبين الحين والآخر تختلس النظر نحو شرفته وودت لو يظهر لتراه فهي اشتاقت إلى حديثه معها وفراقه لها عقاپ قاسې أحرقت الدموع عينيها ففركت عينيها حين تنبهت لصوته يحادث أحدهم ويقول
يا ليان طاهر قال إنه سلمك
تم نسخ الرابط