لم يبق لنا إلا الوداع..بقلم منى أحمد حافظ

موقع أيام نيوز

منار تركيزها عليه وسألته بهدوء 
طيب ممكن تفهمني قصدك علشان مفهمش غلط لأني بصراحة مستغربة كلامك. 
زفر بقوة وخلل شعره بأصابعه وأردف
بصي يا منار أنا اللي خلاني أتكلم هي الظروف اللي دايما كنت بتحكي لي عنها زي ديون عمي شهدي اللي لحد دلوقتي بيسدد فيها ومصاريف الدروس والدراسة والبيت وعلشان أنا كنت فالكلية فعارف اللي فيها فقلت لنفسي ألفت انتباهك إنها كلية مجهدة نفسيا وبدنيا ومحتاجة مصاريف كتير ومقصدتش أني أحبطك ولا أثبط عزيمتك زي ما حسيت فكلامك.
بدل أمجد لهجته إلى أخرى أكتر نعومة وأستطرد قائلا
وبعدين أفرضي إن عندي أسباب غير اللي قلتها وطلبت منك متدخليش هندسة بالذات علشان بغير عليك وهغير أكتر من الشباب اللي فيها اللي مش بيسيبوا بنت حلوة فحالها ولا مثلا قلت لك بلاش من باب تقليل عدد سنين الدراسة علشان نتجوز بسرعة وأني كده كده مش عايزك تشتغلي ولا تتبهدلي وطمعان تبقي ليا لوحدي وتبقي فبيتك ملكة معززة مكرمة كنت وقتها هتقولي إيه
رمقته للحظات لا تدري لما شعرت بالخۏف يتسلل إليها بسبب نظراته وكلماته التي تبدلت كليا عن الماضي فهو حفزها على مدار سنوات لتنجح وتلتحق به وتكون المهندسة منار زوجة المهندس أمجد والآن وبعد أن باتت على أعتاب حلمها يثنيها عنه زفرت منار بخيبة وأطرقت تفكر وتتساءل أعليها الإنصات له والتفكر بحديثه ونسيان الأمر برمته أم تتشبث وتعافر حتى تنال ما تصبو إليه ازداد صراعها خاصة حين لاحت أمامها صورة والدها الذي غزى الشيب رأسه واحنى ظهره وزاده الدين عمرا فوق عمره ليظنه الأخرين كهلا تخطى الستين وهو على مشارف الخمسين.
وبغرفتها اكتفت هالة من تمردها الذي عزلها عن الجميع فاتجهت بخطى مضطربة صوب غرفة والدها وطرقت بابه بقلب يرجف خوفا وحين أذن لها بالدخول وقفت أمامه تشعر بالخجل لعنادها ولخسارتها كل هذا الوقت بعيدا عن حنانه وحبه الذي أغدق به على الجميع ورفضته طواعية ولاحظها شهدي فقرر اتخاذ خطوته الأولى نحوها ليدفعه بها نحو الطريق القويم وفتح ذراعيه ليستقبلها بينهما فأسرعت وتشبثت بفرصتها ولاذت بين أمان ذراعيه وسكنت وهمست پانكسار
سامحني يا بابا...
ضمھا شهدي بمحبة رابتا ظهرها بحنو واعطاها وقتها حتى فرغت من بكائها وأردف
أنا مسامحك من يوم ما اتكلمت معاك يا هالة والأهم من أني اسامحك أنك أنت تكوني مسامحة نفسك علشان تقدري تجهادي نفسك.
أجلسها شهدي جواره وكفكف دموعها وأضاف
أنا بحمد ربنا إنه استجاب لدعايا وهداك يا بنتي لأني مكنتش أحب أشوفك خسرانة دنيتك ودينك وصدقيني ندمك على الغلط اللي عملتيه فحد ذاته توبة وربنا بيقبل التوبة وبيغفر الذنوب بس المهم إن متجرعيش للغلط تاني وعلشان أكون صريح أنت لازم تأهلي نفسك إن الشيطان مش هيسيبك فحالك وهيحاول يرجعك ويغويك وعليك أنك تثبتي وتقاوميه بصلاتك ورجعوك لحفظ القرآن والدعاء.
زفرت هالة بحزن وسألته
يعني ربنا فعلا هيسامحني وهيقبل توبتي
أومأ شهدي وأكد لها بالكثير من آيات الذكر الحكيم وأخبرها بأنها ما زالت بمقتبل العمر والحياة أمامها وعليها الفوز بكل فرصة تقربها إلى الله وتجنبها الشيطان وأن تسعى وتتغير وسترى بعينها نتيجة صلاحها التي ستنعكس على حياتها في كل شيء ضمته هالة ووعدته بمجاهدة نفسها وغادرته إلى غرفتها واقتربت على استحياء من توأمها ووقف أمامها بحرج فنظرت نهلة إليها ووقفت بمواجهتها واحتضنتها قائلة
وحشتيني يا نصي الحلو.
أجابتها هالة بدموع
وأنت كمان وحشتيني يا نهلة ووحشني نرجع زي ما كنا توأم فكل حاجة.
ربتت نهلة ظهر شقيقتها وأردفت
وهنفضل توأم فكل حاجة بس مع الأختلاف أننا هنحفظ القرآن سوا وهنذاكر سوا ونلعب ونهزر ونضحك ونتكلم مع أخواتنا سوا ونعمل فيهم المقالب بتاعتنا ونحيرهم زي زمان مين فينا نهلة ومين فينا هالة إيه رأيك
ابتسمت هالة وأومأت بموافقتها في اللحظة نفسها التي ولجت رنا ولكنها توقفت حين رأتهم سويا فظنتهما سيبتعدان عنها كالسابق إلا أنها نفضت هاجسها حين جذبتها هالة نحوها وأردفت
وحشتني لمضتك يا شبر ونص أنت.
تصنعت رنا العبوس وعقبت عليها وهي تصعد فوق فراش نهلة
الشبر ونص طولت وبكرة هطول بجد وهتبقي أنت اللي شبر وربع مش حتى نص.
هاجمتها هالة مدغدغدة إياها بينما أسرعت نهلة والتقطت وسادتها وأنهالت عليهما ضړبا بلطف فتحول الأمر بلحظات إلى حرب وسادات ولهو واترفعت أصوات ضحكات سعادتهم.
بينما بالأعلى حاولت منار رؤية الأمر بزاوية أخرى وقررت التفكير بوجهة نظر أمجد لتتأكد من صواب رأيه فوالدها حتى اللحظة لم يسدد دينه وبسبب ما حدث منها أهمل عمله وترك إحدى وظيفتيه ليبقى برفقتهم لوقت أطول وتذكرت حديث والدها عن تبديل حلمها لتدرك أنها كانت رسالة مبطنة منه ولكنها لم تفهمها إلا الآن بعد أن أنار لها أمجد الطريق فرفعت عيناها ونظرت إلى ملامح وجهه العابسة ورأت أن عليها إصلاح الأمر وسألته
مقولتليش يا أمجد هتخرجني فين
نظر إليها ورأى ابتسامتها فأجابها بهدوء
تم نسخ الرابط