لم يبق لنا إلا الوداع..بقلم منى أحمد حافظ

موقع أيام نيوز

ترن عليا من رقمك الجديد اللي مش معايا أبقى ابعت رسالة الأول علشان أعرف أنه رقمك علشان أنا فعلت خاصية عدم الرد على الأرقام الغريبة.
اختفى من أمامها دون إجابة حينها نزعت قناع برودها وزفرت بأسف فهو لم يشعر ولو لوهلة بحزنها واحتياجها ليضمد انكسارها منه فاستدارت إلى غرفتها وولجتها وقفت أمام المرآة ونزعت ثوبها عنها وكأنه صنع من الشوك والقت به بزاوية الغرفة باهمال وارتدت منامتها واندست بفراشها وسحبت غطائه فوق رأسها واستسلمت للبكاء.
وكم توقعت غاب عنها بضعة أيام هاتفها خلالها مرات قليلة وكان الفتور سيد الموقف بينهما حتى ظهرت نتيجتها التي جأت كالغيث بعد طول جفاف ووقفت أمام والدها تبكي وتقول
أنا مش مصدقة أني نجحت أنا حاسة إن ربنا هيعاقبني على اللي عملته و...
منعها والدها من قول المزيد مردفا
استغفري ربنا يا بنتي علشان ربنا مبيضيعش تعب حد وأنت ذاكرتي وتعبتي وعملت اللي عليك ولو قصدك على اللي فات فهو فات وأنت توبتي عنه ودلوقتي يلا قومي كلمي أمجد وفرحيه وبطلي عياط بقى.
حافظت منار على ابتسامتها كي لا يسائلها والدها عن سبب فتورها وعزوفها عن الحديث معه والتقطت هاتفها لتمنعها شقيقتها بقولها
أبيه أمجد برا يا منار وعايز يشوفك.
غادرت مسرعة على الرغم من استيائها منه ووقفت أمامه بلهفة وكما تمنت سرا احتضنها وهو يهنأها بنجاحها فتشبثت منار به وسمحت لقلبها بتجاوز حزنه والتمتع باللحظة معه أوقفها أمجد أمامه ووتيرة أنفاسهما تعلو وتلاقت أبصارهم لثوان فمال نحو جبهتها وقبلها وأسند جبهته إلى خاصتها وأردف بصوت أجش من فرط مشاعره
أول ما عرفت النتيجة مقدرتش أصبر وجيت لك جري وقلت لازم نحتفل بالمناسبة دي أنا وأنت فالمكان اللي تشاوري عليه. 
ابعدت وجهها عنه وعيناها تسبح بعمق عينه فرآت مشاعره تتاقفز لتخبرها بما يريد فعله معها فخفضتها بحرج وأردفت
أنا يكفيني مجيتك يا أمجد وفرحتك بنجاحي صدقني دا عندي أحسن من أي أحتفال.
خفض ساعديه وأحاط بهم خصرها وأدناها منه وهمس
يعني أفهم من كلامك ونظرة عيونك اللي دوبتني دي أنك سامحتيني ومبقتيش زعلانة مني وهترجعي منار حبيبتي من تاني. 
حدقت به بدهشة وتساءلت كيف علم بما أخفته عن الجميع فابتسم وغمز بعينه ليخبرها بمعرفته أفكارها قائلا
يا منار أنا بحبك من سنين وعارفك وعارف طبعك كويس صحيح لما مشيت من هنا يوم كتب الكتاب كنت زعلان منك لكن لما هديت فهمت ليه اتكلمتي معايا كده وقلت بلاش أعاتبك وأصبر لما النتيجة تظهر علشان اعتذر بطريقة تليق بمراتي حبيبتي وقبل ما دماغك تروح لبعيد وتقولي ما أنت عاقبني وغبت عني فاسمحي لي أقولك أني طول الوقت دا كنت فالشغل وطبقت أيام كتير ورا بعض علشان أقدر أحقق لك أي طلب تطلبيه النهاردة. 
نظرت له بدهشة وسألته
وأنت اشتغلت من أمته يا أمجد وأنت يا دوب لسه مخلص امتحانات 
أبعد ذراعيه عنها ورفعهما وأشار إلى صدره وأردف
وهو جوزك حاجة قليلة يا منار يا حبيبتي أنا الحمد لله اشتغلت في مؤسسة كبيرة من قبل ما اخلص امتحانات.
رافق أمجد قوله بأشار إلى رأسها مستطردا
أومال بدماغك وتفكيرك كده هكون يعني بصرف منين ولا اشتريت لك فستان كتب الكتاب منين يا ذكية إلا لو كنت بشتغل.
قفز منار بسعادة واحتضنته قائلة
أنا مبسوطة يا أمجد علشان أشتغلت طب تصدق فرحتي بشغلك غلبت فرحتي بنجاحي ياه يا أمجد لو أغمض عيني والقيني أنا كمان خلصت هندسة زيك واشتغلت.
أصابه قولها بالتوتر وأبعدها عنه وأشار برأسه إلى غرفة والدها فخفضت عينها بوجنة مشټعلة فمال نحوها وأردف
ما تيجي نطلع فوق نتكلم براحتنا بدل ما أنا واقف اتلفت حواليا زي ما كنت بتعملي زمان
ازداد وجهها احمرارا وأخبرته أنها ستسأل والدها فأذن لها بعدما أوصاها أن ترعى الله بخلوتها معه فأومأت بحرج ورافقته إلى الأعلى وجلست بجواره وأحست للمرة الأولى أنها لا تخشى عين مراقب فأدركت أن لا شيء يتساوى والحلال لينتشلها صوت أمجد الجاد بسؤاله
إلا قوليلي يا منار أنت لسه ناوية على هندسة
لوهلة أحست بالحيرة فهو يعلم رغبتها منذ نعومة أظافرها فلما يسألها وكأنها ستغير رغبتها بين ليلة وضحاها وعقبت على قوله بما يؤكد أفكارها
غريبة أنك بتسأل وأنت عارف إن الهندسة حلمي!
حاول أمجد أن يخفي توتره وأردف
أنا عارف بس أفتكرت علشان الظروف والوضع هتغيري رأيك وتدخلي حاجة تاني..
اعتدلت منار بجلستها وقد سيطر عليها الوجوم وقاطعته قائلة
وإيه اللي غير الوضع ولا الظروف يا أمجد علشان أدخل حاجة تانية غير هندسة
واجهها بعبوس طفيف وأردف
هو أنا ليه حاسس بنبرة هجوم فصوتك كأني بقولك بلاش هندسة على فكرة أنا بتناقش معاك عادي ومش قصدي حاجة يعني.
تطلعت نحوه بحيرة تتساءل عن سبب النقاش وحلمها أمر مفروغ منه لا جدال فيه فهي سعت ووفقها الله وحانت اللحظة لها فلما لا أعادت
تم نسخ الرابط