لم يبق لنا إلا الوداع..بقلم منى أحمد حافظ
المحتويات
أوعى تقول على نفسك فقير تاني لأنك أغني مني بحبك ليا وبأخلاقك وبكل حاجة فيك ولو على الفلوس فأنا وكل ما أملك رهن إشارتك وسيب اللي يقول يقول لأني واثقة فيك.
فاجأ أمجد شهدي بصباح اليوم التالي بوقوفه أمامه حاملا علبة فاخرة وباقة من الزهور وسلمه إياها وهو يحاول تفادي النظر إليه قائلا
ممكن يا عمي تقبل مني الهدية دي لمنار وبعد إذنك أنا سمحت لنفسي واتفقت مع محل الفراشة علشان يبعت العمال تعلق نور بطول العمارة من فوق لتحت وكمان فالشارع كله وبالنيابة عنك عزمت جيرانا وقلت لهم إن كتب كتابي على منار بكرة بعد المغرب إن شاء الله وبالنسبة للمأذون فأنا كلمته واتفقت معاه على كل حاجة بس في حاجة واحدة باقية طالبها من حضرتك واتمنى متكسفنيش فيها.
طالب من حضرتك تتفق مع الشهود لإن زي ما حضرتك عارف أنا مقطوع من شجرة وعيلة والدي مقاطعيني من سنين ومعنديش اللي يستحق يشهد على عقد جوازي من منار.
صاح شهدي فجأة مناديا ابنه فظهر أحمد بجواره وكأنه نبت من عدم فاستدار نحوه وأعطاه العلبة قائلا
دخل العلبة دي لأختك وقول لها أنها هدية من خطيبها وقول لأخواتك يشغلوا أغاني علشان كتب كتاب أختك بكرة.
أدخل يا ابني البيت بيتك.
ابتسم أمجد وتبع شهدي باستحياء ليصل إلى سمعه صوت صيحة عالية تبعها صوت أغاني صاخب وزغاريد بددت حزن المنزل فلمعت عين شهدي بالدمع حينها خفض أمجد رأسه وأردف
عمي أنا عايز أبدا حياتي مع منار وأنت راضي عنها قبل ما تكون راضي عني وصدقني أنا أول مرة ألمس منار كان فاليوم المشؤوم اللي حضرتك شوفتنا فيه وحقيقي من وقتها وأنا ندمان ومستصغر نفسي إني حطيت حضرتك قبل منار فالموقف المشين دا واللي بسببه مقدرتش أتحمل أقعد فالشقة وقلت أبعد لحد ما الأمور تهدا وعلشان أوفي بوعدي ليك وأرجوك لو جواك لسه زعل مني ومنها أنساه وأدينا الفرصة نثبت لك إن تريبتك مضعتش هدر.
سيبها على الله يا ابني.
أحس أمجد من وجوم شهدي أنه لن يعفو عما رآه فاستأذنه بحرج وغادر بينما وقف شهدي يبادل نظره بين غرفته وغرفة ابنته التي ضجت بالصخب فنكس رأسه واتجه صوب غرفته ولم ير دموع منار التي سالت فوق وجنتيها وعودتها إلى غرفتها بخطى منكسرة.
فتحت منار عينيها وحدقت بوجهه لثوان لا تصدق أنه يفتح لها ذراعيه وأجهشت في البكاء وهي ترتمي بينهما وتشبثت به فبدت وكأنها تحتمي به من الڠرق ولسانها يرجوه السماح والعفو وعلى مقربة منهم وقف أمجد يتابع ما يدور بوجه عابس وعيون قاتمة يشعر بنيران الغيرة تموج بداخله وتتقاذف كالحمم وعقله يندد وېصرخ بأحقيته هو باحتوائها عن والدها وكما اشتعلت غيرته هدأت بعدما أجبره عقله على الهدوء والتريث فهو لا يريد إحداث شقاق آخر بينهم وما أن أشاح بوجهه عنهم رأى أمامه شقيقتها البغيضة تنظر باتجاه منار بكراهية ولوهلة تسلل إلى قلبه الخۏف وأدرك أن تلك المراهقة التي لم تتجاوز الرابعة عشر من عمرها عدو لا يستهان به وعليه من الآن وصاعدا الحذر منها لينتبه لصوت شهدي يطلب من الاقتراب ومد يده نحوه بيد ابنته وأردف
أومأ أمجد وأجابه بتلقائية
من غير ما تقول يا عمي منار هي النفس اللي بتنفسه وعلشانها أنا مستعد أعمل أي حاجة ويكفي أن أول ما حضرتك كلمتني علشان أعمل لها الحفلة أنا مترددتش ونفذت فوقتها على طول عموما يا عمي أنا وعدك أني هحافظ عليها بحياتي وأني هبذل كل ما فوسعي علشان أسعدها.
أنهى أمجد قوله مغتالا بما فعل والټفت إليها وعينه تتفرس بملامحها التي زادها الحزن جمالا وود لو كان بمفردها معها لأخبرها
متابعة القراءة