عيناكي وطني وعنواني بقلم أمل نصر
المحتويات
حالته ازاي ساعتها
قالت الاخيرة بنبرة حزينة فاأكملت على قولها فجر
ياعيني دا تلاقيه افتكر ان هو السبب في مۏتها
اردفت فوزية
مع إن الدكتور منذر كتب في تقرير شهادة الۏفاة انها حمى شديدة لكنه برضوا فضل عايش بعقدة الذنب ناحيتها لحد دلوقتي ياللا بقى ماهو مكانش في حل غير كدة اصله ياحبيبتي كان بين نارين يايجوزها ابن عمها يايقتلها وېتنقم لشرفه حسب اعتقاده
اشرق وجهها بابتسامة جميلة تجيب
انا ياستي اخدني على جمعية خيرية هو كان عضو فيها هناك في المحافظة فضلت مستخبية فيها وتحت رعايته بالشهور عرف حكايتي وساعدني بحنيته وطيبة
قلبه اني اتخطى الحزن اللي عشش جوايا وارجع انسانة طبيعية بالتدريج امي كانت بتيجي سړقة فيها عشان تشوفني المهم اني فضلت في الجمعية دي لحد اما جه اليوم اللي قالي فيه انه مسافر وراجع على بلده في اسكندرية ساعتها الدنيا دارت بيا وخۏفت قوي لايسيبني وينساني اصلي كنت زي الغريق اللي اتعلق بقشاية وكان هو ألامان بالنسبالي مااتكسفتش منه وانا بنهار قدامه عشان مايسبنيش فكان رده انه طلب يتجوزني عشان يقدر ياخدني معاه ويسافر بيا وانا وافقت واتجوزتوا قعدت تقريبا سنة على زمته وهو مراعي حالتي النفسية من غير ما يلمسني لحد اما روحتلوا بنفسي وطلبت حلالي منه عشت في حضنه احلى سنين عمري وربنا رزقني بعدها بكام سنة بعبد الرحمن اللي كمل فرحتي وسعادتي كمان
بس انتوا قولتوا انه كان في الأربعينات يعني تقريبا ضعف عمرك فرق السن الكبير ده معملش حاجز مابينكم
هزت رأسها بالنفي قائلة بابتسامة
ابدا يافجر هو كان ذكي ودايما متفهم وضعه معايا دا غير انه خلاني أكمل تعليمي منذر اساسا كان واهب نفسه للعلم طب هاتصدقيني لما اقولك اني كنت اول بخته على فكرة انا جوزي كان دكتور كبير ووصل انه بقى مشارك في مستشفى استمثاري مشهورة هنا في السنتين اللي فاتوا دول امال انا ايه اللي جابني على القاهرة
قالتها بتوجس لتفاجأ بتغضن ملامح وجه الاثنتان قبل أن تجيبها بحزن
ماهو للأسف بقى ان عمر السعادة ما بتدوم جوزي من ست اشهر بس يافجر اتوفى بسكتة دماغية
ارتشعت شفتاها وزاغت عيناها بينهم وكان وقع الخبر على رأسها كالصاعقة
في شقة قديمة ومتواضعة الاثاث دلفت تجر معها حقيبتها الكبيرة بخطوات مترددة مع خالتها التي كانت تتمختر بخطواتها وعباءتها المنزلية المحكمة على تفاصيل جسدها البدين يصدر صوت اساور يدها بصخب وهي ترحب بها
بقلب مرتجف جلست على اقرب أريكة وجدتها أمامها سندت الحقيبة بالقرب منها وهي تتلفت في انحاء الشقة المزينة بالمصابيح الصغيرة الملونة في بعض زوياها وبعض النساء التي تغدوا وتجئ أمامها وهي لا تعلمهم ثم استقرت أبصارها على المرأة الخمسينة وهي تحدثها وعلى وجهها الممتلئ والمزين بالوان المساحيق المتعددة ابتسامة عريضة يتخللها الانبهار
هزت رأسها قائلة بتوتر
تشكري ياخالتي دا انتي اللي عنيكي حلوة ومابتكبريش ابدا
صدحت ضحكتها الرقيعة بصخب قبل أن ترد
يالهوي عليكي وعلى كلامك الحلو يابت يانيرمين امال انا بحبك ليه يابت عشان طالعالي ياما كان نفسي المصېبة بنتي تاخد نص حلاوتك ولا نباهتك لكن اعمل إيه بقى فيها فقرية زي اللي جابها
طب هي على كدة لساها
برضوا مختفية ولا اتكلمت حتى في التليفون نهائي زي ماقولتيلي
لا والنبي ياحبيبتي ابدا بس يعني هي هاتروح فين
هاتلف تلف وتلاقيها دخلت علينا زي القرد ايد ورا وأيد قدام بلا خيبة اللي مافي مرة فرحت قلبي بحاجة عليها القيمة هاتعيش وټموت في الفقر بدماغها اللي زي الصرمة القديمة دي
انا مش سألتك قبل ما اجيلك ياخالتي وقولتيلي أنك خلاص بطلتي الشغل ده ممكن بقى تفهميني ايه دول
لوكت فمها بالعلكة وهي تجيبها بتوتر
يابت ما انا بطلت صح شغل هنا في بيتي بس بقى البنات اللي بتلقط رزقها برة البيت دي ايه دخلي انا بيهم بقى غير اني اخد عمولتي ولا انتي عايزاني اموت من الجوع يانيرمين
هزت رأسها قائلة بقلق
يعني انتي متأكدة انك بطلتي شغل هنا في البيت ابوس إيدك ياخالتي هما يومين هاقضيهم معاكي قبل ما اتصرفلي بسفرية بعيدة مش عايزة عوق ولا فضايح دا انا بقول ياحيطة داريني
ماخلاص يابت هو انتي هتعمليها حكاية قولتلك مافيش يبقى تطمني اما اقوم اعملك حاجة بقى تاكليها
قالت الاخيرة وهي تنهض من أمامها على الفور
نظرت في اثرها تتمتم بقلق
اطمن!! هو انا طول ما انا ماقاعدة في البيت اللبش ده هايجيني قلب اطمن ولا اشوف راحة ابدا منك لله ياللي شورت عليا الشورة المهببة دي!!
حدقت بوجهها جيدا وهي تسألها بمكر
مالك يافجر وشك اتخطف كدة ليه لدرجادي انتي زعلتي على الدكتور منذر
ازدردت ريقها وخرج صوتها بصعوبة
اه طبعا لازم ازعل امال ايه يعني انا أسفة يافاتن البقية في حياتك
بوجه مغلف ردت باقتضاب
في حياتك الباقية يافجر
اسبلت عيناها وهي تفرك بكفيها والأثنتان يرمقنها بنظرلت متفحصة ليسود الصمت بينهم لعدة لحظات قبل أن تقطعه فاتن
لدرجادي بتحبيه يابت
رفعت رأسها مجفلة تقول
همم تقصدي إيه يافاتن
قصدي على علاء طبعا امال هايكون مين يعني
فتحت فاهها واغلقته مرة أخرى لتطرق برأسها ارضا وهي لا تقوى على النظر بعيناهم ليعود الصمت مرة اخرى بينهم قبل ان تنهض فاتن متمتمة
لساكي طيبة وعبيطة زي ما انتي!
رفعت رأسها وقبل ان تعي صحة ما سمعته وجدتها تجلس بجوارها
تقربها بذراعيها نحوها وهي تقبلها من وجنتها
طب ولما انتي بتحبي اوي كدة ما تقولي اه يابت هو عيب
حدقت بها مندهشة قبل ان تلتفت نحو عمتها الواضعة كفها على جانب وجهها تتبسم بتسلية فقالت مشيرة بسبابتها نحوها
ماهي عمتي كانت عايزاني اسيبه عشان اثبت لها اني بحبك وانا كنت فاكراكي مېتة اشحال دلوقت لما اتأكدت انك صاحية وماموتيش
ضغطت باصابع يدها على وجنتيها برفق تشاكسها
هو جزمة يابت ولا فستان عشان لما ارجع اخدهم من تاني دا جوزك يامنيلة على عينك يعني مش خطيبك وبس كمان
قطبت بحيرة تسألها
يعني إيه
قبلتها بشغف وهي ترد بابتسامة دافئة
يابت انا اتجوزت من زمان وعيشت حياتي مع راجل نساني الدنيا بحالها مش بس حب المراهقة والظروف الۏحشة معاه يعني عمتك كانت بتلاعبك ياعبيطة
والنبي بجد
قالتها ببؤس وهي ترتمي بأحضانها باكية مما اثار ضحكة صاخبة من فاتن ووالدتها وهي تشدد عليها بذراعيها وتردف بحړقة
وحشتيني اوي يابنت اللذينة ووحشتني طيبتك وحنيتك دي
خرجت من أحضانها وهي تمسح بأبهامها الدموع الساقطة منها على الوجنتين تهتف ساخطة
دي عيشتني ايام سودة وطب والنبي من ما انا مسمحاكي ياعمتي
ازدادت ضحكات الاثنتان وفوزية تشاكسها
طب وانا اعملك ايه بقى ان كنتي صدقتي ودماغك لفت من اول ما شوفتيني لهو انتي فاكراني كنت هاقدر اعمل فيكي المقلب لولا اني شوفت ترددك ده وخۏفك مني طب ليه يابنتي دا حتى كل حاجة نصيب
انا عارفة ياعمتي اهو لقيت نفسي متلخبطة ومكسوفة لما اتفاجئت بيكي في ليلة كتب كتابي واكنك ظبظتيني في تهمة متلبسة
ياحبيبة قلبي
هونت عليكي يافاتن تسيبني السنين دي كلها من ماتشوفيني ولا اشوفك ولا مرة وحشتك فيها
قالت مبتسمة
مين قال كدة بقى انا كنت كل مااشتقالك اطل عليكي واراقبك من بعيد
ازاي
همت لترد ولكن اوقفها صوت الهاتف الذي كان يصدح بورود مكالمة
دا تليفونك يافجر
اومأت برأسها وهي تخرج الهاتف من حقيبتها فقطبت مندهشة وهي تجيب على الرقم الغريب
الو مين معايا لا طبعا ماشوفتوش ولا قابلتوا من الصبح ايه اللي حصل ياعصام ازاي يعني
ماتعرقش مكانه هايكون راح فين بس طبعا ححاول اتصل بيه واشوفه راح فين ماشي ياعصام
انهت المكالمة سريعا لتنهض عن كرسيها قائلة بقلق
طب عن اذنكم ياجماعة انا لازم اروح على بيتنا حالا علاء خرج من الصبح ڠضبان وماحدش عارف طريقه فين
تتلاعب بأصابع يده السليمة وهي تمازحه بدلال لعله يستجيب لها يبتسم
ياحسحس ياابو ډم تقيل انت مش ناوي بقى تفك كرمشة وشك دي مش لايق عليك ياعم
رد بصوته الأجش
هو ايه اللي مش لايق عليا
قالت بدلال
التكشيرة بصراحة انا اول مرة اشوفك مدايق كدة في كل خناقتنا مع بعض مافيش مرة وشك اتقلب فيها بالشكل ده
اعتلت زاوية فمه ابتسامة مستخفة وهو يرد
يمكن عشان ماكنتش موجوع قوي بالشكل ده ماهي خنقاتي معاكي مهما كانت اسبابها تيجي ايه في اللي انا حاسس بيه دلوقت!
حاسس بإيه ياحسين قول ياحبيبي على اللي مزعلك وخرج اللي جواك
تجاهل سؤالها ليجيب بسؤال غيره
بقولك إيه انتي مش ملاحظة ان علاء اتاخر اوي هو راح فين دي اول مرة يغيب فيها عني كل ده
اخفت ارتباركها وهي تحاول الإجابة ببعض الثبات
ما انا قولتلك ياحبيبي عمي ادهم اتصل بيا وبلغني ان علاء روح البيت عشان يرتاح شوية من تعب الايام اللي فاتت واكيد خدته نومه
قال بتشكك
عمك ادهم برضوا اللي بلغك امال هو راح فين بقى مختفي هو كمان دا حتى عصام مرجعش يطل عليه من الصبح
ردت ممازحة بتصنع
الله الله هو انت لحقت تزهق مني ياسي حسين ولا إيه بقى لما اتواضع انا النهاردة بجلالتي وقدري واتبرع بالأنفراد بيك تفتكرلي انت فلان وعلان واكني مش مالية عينك ولا سادة الفراغ اللي جواك
فراغ إيه إللي انتي سداه
نعم !
كرر باستفهام
بسألك عن الجملة الاخيرة دي ايه معناها
اهتزت كتفاها بعدم اكتراث
انا عارفة انا بسمعها كدة وخلاص
فلت كفه من يدها ليضغط بابهامه وسبابته على وجنتها بغيظ
ولما انتي مش فاهمة معنى الجملة بتكرري ليه زي البغبغان هي لماضة وبس
صاحت ضاحكة وهي تدفع يده
بس ياعم الله هو انت شايفني عيلة صغيرة
بابتسامة مستترة هتف متصنعا الجدية
العن وامر العيلة هاتكبر لكن انتي بعقلك الهايف ده هاتجنني امي العمر كله
ضحكت بمرح حتي جعلته يتخلى عن عبوسه ويشاركها الضحك وهي تردف بغرور
ربنا ما يحرمك مني يارب
وفي الجهة الأخرى كان الوضع في شقة علاء على اشده أدهم الذي اتعبه البحث مع رجاله حتى استسلم مضطرا للأنتظار المر مع شاكر وزجته التي لم تستطع التخلي ولو لحظة عن زهيرة خوفا عليها لتنتكس وتعود للمرض مرة من الخۏف والقلق على ابنها الذي اختفى عن رؤيتها ولم يرد ولو على اتصال واحد
متابعة القراءة