عيناكي وطني وعنواني بقلم أمل نصر

موقع أيام نيوز


ان شحنته بالطاقة وعاد للعمل مرة
اخرى مستقلية على جانب رأسها وجسدها تنظر اليه بحيرة غير قادرة على الرد وغير قادرة على قفل الهاتف وكالعادة اثارت تذمر المرأة جارتها في التخت المجاور
ياست أمينة ماتردي على التليفون دا اللي عمال هز قدامك بدال ماهو شغال يرن كدة عالفاضي 
زفرت ساخطة قبل ان ترد عليها 

في إيه ياستي بس ما انا كاتمة الصوت اهو ضايقتك في إيه انا
يابنتي مضايقتنيش ولا حاجة انا بس مستغرباكي مدام انتي مش عايزة تردي ماتقفليه في وشه وريحي دماغك 
قلبت عيناها بسأم وهي تعتدل في فراشها تشيح بوجهها بعيدا عن المرأة والافكار المتوالية مازالت تعصف برأسها لاتدري ماذا تفعل الان في بداية الأمر كانت مصرة على عدم اطلاعه على معرفة مكانها ولكن الان وقد اقترب ميعاد خروجها من المشفى وهي لا تملك مأوى سوى بيت زوجها المعروف لعلاء وعصام فقد سبق لهم زيارته او بيت والدتها التي لم تكلف نفسها عناء الاتصال بها ومعرفة سبب انقطاع تواصلها معها فلا تجد سواه امامها ولكنها ايضا لا تضمن غدره وخسته فما العمل وهو شريكها والخطړ الذي يهددها نفس الخطړ الذي يهدده هو أيضا خصوصا بعد ان علمت من شقيقته عن اختفاءه و ڠضب أدهم المصري عليه وبحثه الحثيث عنه هو ورجاله 
صدح الهاتف مرة أخرى بورود مكالمته وكالعادة نظرت نحوه دون حسم امرها للرد أو إغلاق الهاتف ولكنها أجفلت على قول المرأة بجوارها
تاني برضوا التليفون اللي بيرن الا بقولك إيه ياختي هو انتي مشغلة التليفون القديم دا
ليه من الأساس وانت معاكي عدة جديدة باللمس وكبيرة
همم
قالتها بقلق وهي تتحسس بكفها تحت الوسادة هاتف حودة فتكلمت بعد أن اطمأنت لوجوده في مكانه
لا ما انا حاطة كل الأرقام المهمة هنا والتليفون الكبير سايبه بس للتصاوير والنت مش عايزة امرمطه احسن يبوظ بسرعة 
مصمصت المرأة تلتفت للأمام بعيدا عنها وتمتمت بصوت خفيض وصل لأمينة
قال مكالمات مهمة قال دا على أساس انها بتكلم حد تاني غير البنية اللي بتيجي هنا
عضت على باطن وجنتها غيظا من هذه المرأة التي تحشر أنفها في مالايخصها ولكنها تمالكت نفسها عن الرد فيكفي مايشغل عقلها في التفكير الان عن حل لهذه المعضلة العويصة معها اين تجد مأوى امن لها

وفي مكان اخر فوق سطح أحد الابنية وقد اتخذ مسكنه فيه بغرفة قديمة في إحدى زوياه منذ أيام كان واقفا مستندا بظهره على الحاجز الحجري ومازال ممسكا بالهاتف يحاول معاها في اتصالاته المتكررة بها دون رد حتى هتف بحدة ساخطا
ابو شكلك يابعيدة ماتردي بقى هي ناقصة قرفك 
ردت شريكة السوء التي كانت واقفة بجواره و مستندة بذراعيها على الحافة تنظر للمدينة الساكنة امامها 
لساها برضوا مش عايزة ترد عليك
قال من بين أسنانه
بت ال بتعملهم عليا وعايزة تشلني فاتحة التليفون وبتشوف الرنات ومع ذلك مابترودش وكأنها بتقولي اتفلق 
صمتت قليلا تاركة وجهها لنسمات الهواء الباردة مغمضة عيناها باستمتاع قبل ان تسأله بهدوء
طب وانت عايزاها تاني في إيه ما كل شئ انكشف خلاص وبان يعني مش فارقة 
الټفت اليها رافعا زواية شفته باستنكار
نعم ياست نيرمين شايفك يعني حاطة على قلبك مرواح وجيالي هنا تعملي جو لنفسك تتمتعي بهوا السطح ايه ياعين خالتك هو انت نسيتي المصېبة اللي انتي فيها ولا جوزك دا اللي قالب الدنيا عليا وعليكي ولا يوكنش الفلوس اللي سرقتيها منه يابت قوة قلبك
التفتت برأسها اليه تواجهه بحدة
يوه عليك ياسعد كان لازم يعني تفكرني بالهم اللي ورايا دا انا مصدقت انسى 
اعتلى ثغره ابتسامة متهمكة يقول 
تنسي!! طب لما تنسي انتي بقى ياحلوة ادهم المصري هاينسى هو كمان باينك عبيطة ومش دريانة بالمصېبة اللى احنا فيها 
تنهدت ساخطة وهي تتكتف بذراعيها
اديني اتنيلت ومزاجي اتعكر بسببك عشان تستريح وماتقولش عليا عبيطة ممكن بقى ياابو العريف تقولي كدة انت ايه اللي في دماغك إيه بالظبط وليه مصر تلاقي امينة
تناول علبة سجائره من جيب بنطاله وعود صغير من علبة الثقاب اشعل به السېجارة التي وضعها في فمه ينفث دخانها عاليا في الهواء قبل ان يرد
اولا انا اللي في دماغي كتير اوي وصعب على واحدة زيك تفهمه ثانيا بقى وهو الأهم هو اني لازم الاقى امينة عشان اعرف منها هي قالت لهم إيه عايز اعرف الساعة اللي قضتها معاهم حصل فيها إيه بالظبط ماهو انا ماينفعش اسيب كل حاجة للظروف ثم ان ماحدش عارف مش يمكن الاقي طريقة تطلعني من كم المصاېب اللي
عليا دي وارجع فيها لبيتي وحالي ومالي مافيش حاجة في الدنيا مضمونة طول مالعقل شغال 
قال الاخير وهو يشير بسبابته بجانب رأسه لوت هي شفتيها بغير اقتناع ولكنها سألته
طب يعني على كدة انت ممكن تبرئني انا كمان بعقلك النور ده 
صدح ضاحكا بصوته العالي يقهقه ساخرا منها فقال بين ضحكاته
تتبرئي فين ياهبلة ههه وانتي هربانة بفلوس الراجل والدهب كمان ههههه
صكت فمها تشيح بوجهها عنه لكي تتجنب الرد على سخريته برد لاذع فأكمل هو ببعض الجدية بعد أن هدأت نوبة ضحكاته
على العموم انتي لازم تخلي بالك من نفسك وماتخرجيش كتير لحد الدنيا ماتهدى ونشوف لنا صرفة الا قوليلي صح انتي غيرتي من اللوكاندة اللي قولتلك عليها
لا مغيرتش ياسعد عشان ماينفعش اروح لبيت ستي ولا أي حد يعرفه أدهم بس انا شايفة كدة السطح هنا شرح وبرج ماتشوفلي صرفة اسكن هنا انا كمان في الأوضة اللي جمب اوضتك 
شرح وبرح !
قالها ساخرا قبل ان يتابع
لا ياختي ماينفعش نبقى مع بعض عشان ماحدش فينا يوقع التاني وبرضوا ماينفعش اللوكاندة ليكي وانتي ست ولوحدك شوفيلك سكنة عند أي حد مايعرفهوش جوزك فاهماني بقى 
اومأت برأسها متفهمة وهي تتسائل بداخلها اين يمكنها الذهاب 

في المقعد الخلفي
بسيارة الأجرة وهي جالسة بجوارها ولا تعلم عنوان وجهتها تنهدت بقلق وهي تنظر من نافذة السيارة للخارج لقد مر عدة أيام منذ حديثهم العاصف حينما طالبتها باثبات ولائها ومحبتها لابنتها الراحلة فاتن! تلجلجت معها وهي لا تدري مقصدها حتى سألتها بغموض 
يعني لو طلبت منك تسيبي علاء هاتسيبه 
ظلت فجر لبعض اللحظات تحدق بها بعدم استيعاب تنتظر منها التراجع عن مطلبها وادعاء المزاح ولكن ملامحها المغلفة زادات من حيرتها 
فخرجت اجابة فجر بتشتت
انت بتتكلمي ازاي ياعمتي هي علاقة حب ولا خطوبة عادية دا جواز وانا مكتوبة على إسمه يعني ما ينفعش 
بابتسامة بمبهة نهضت من جوارها وهي تقول 
يعني انتي مش عايزة تسيبي حبيب القلب وبتقولي انك بتحبي فاتن! ماشي يافجر 
نهضت خلفها توقفها ممسكة بذراعها حتى سقطت دمعة على وجنتها دون ارداتها 
ياعمتي بلاش كلامك ده انا لو اعرف ان دا هايرجع فاتن هاعمله ومش هاتأخر بس دا ممانوش فايدة وهي دلوقتي عند ربنا يعني الحي ابقى من المېت زي مابيقولوا
انشق ثغرها بابتسامة جليدية لها قبل ان تخرج بصمت وتتركها في حالة من الشتات والتخبط استمر لعدة ايام وهي تعاملها بشكل طبيعي أمام الجميع والأغرب انها كانت تمازحها ايضا معهم ولكن تظل هذه النظرة المريبة منها تخبرها باستمرار الحړب الباردة بينهم حتى جاءت اليوم تخبرها بشكل مباشر امام والدتها انها تريدها معها في الذهاب زيارة لأحدى الاقارب من اهل زوجها بصفتها تعلم بأماكن المدينة أكثر منها الغريب في الأمر انها لم تأخذ ابنتها سميحة وهي الأولى وحتى انها لم تذكر لها العنوان ولكن ذكرته بالتحديد أمام السائق فما فائدة مجيئها معها اذن
بس هنا على إيدك يااسطى 
استفاقت من شرودها لتجدها تنظر نحوها قائلة بهدوء 
ايه يافجر مش عايزة تنزلي ياعين عمتك احنا خلاص وصلنا 
وصلنا!! 
قالتها قاطبة حاجبيها باندهاش ازداد أكثر حينما ترجلت من السيارة وهي ترى رقي المبنى السكني التي تتقدم بخطواتها نحوه وهي خلفها تسير كالمغيبة دلفت لداخل المبنى الرخامى تلقي التحية على الحراس وهم يرددون التحية خلفها بمودة وكأنها من أصحاب المبنى وليست غريبة عنهم 

وفي مكان اخر بحديقة المشفى وعلى اريكة خشبية تحت ظلال الأشجار الكثيفة كان جالسا متكتف الذراعين راسه مطرقة للأرض نحو اقدامه الممدودة للأمام تاركا نفسه للحزن وقد تمكن اخيرا بالانفراد مع نفسه بعيدا عن والدته او شقيقه المړيض الذي انتبه رغم تصنع السعادة والمزاح امامه بحزنه وسأله عما به ولكنه كان دائما ما ينكر متهربا منه ومن فراسته يخفي بقلبه هذه الغصة المريرة لشعور الغباء الذي تملكه طوال هذه السنوات شقيقه الصغير رغم طيبته ودماثة اخلاقه يكتشف العيب وهو المشهور دائما بقرب الشبه بينه وبين والده في قوة الشخصية والتحكم يظل اعمى وينساق خلف حمائية كاذبة لشخص مريض استغل هذه العاطفة بكل خبث ودهاء كيف كان سيسامح نفسه لوحدث السوء لشقيقه مۏته اهون من هذا الاحساس !
الجو جميل هنا صح 
رفع عيناه نحو محدثه وقد علمه من صوته من قبل ان يراه اومأ له برأسه بروتينية غير قادر على الرد تنهد عصام بصوت عالي قبل ان يجلس بحواره مربتا على ركبته برفق 
هون على نفسك هون احنا عايشين في الدنيا عشان نتعلم 
ابتسم بجانبية قائلا 
اتعلم إيه بالظبط انا راجل داخل ٣٣ سنة واكتشفت اني طول سنين عمري اللي عدت دي كنت حمار يبقى هاتعلم امتى بقى
جاء رد عصام حازما
ماتقولش كدة ياعلاء انت مش اول واحد تنخدع في صديق في غيرك بينخدك في حبيبته وفي غيرك بينخدع في أهله نفسهم دي طبيعة النفس البشرية ماحدش له سيطرة عليها طب مثلا عندك انا كنت فاكر خالي دا في مقام والدي لكن بعد ما اتجوزت بنته تعالى شوفه بقى مطلع عين امي على شوفة البنت رغم انه عارف اني احق من بنته المدلعة في حضانتها واني بيعدي عليا وقت بخاف امسك المشرط لاحسن اسرح من خۏفي طول الوقت على بنتي لاتهمل فيها والدتها زي ماعملت قبل كدة كتير واحنا متجوزين 
بس اهو بقى هاعمل ايه يعني
حدق به للحظات قبل أن يسأله باهتمام 
هي بنتك عندها كام سنة ياعصام 
اشرق وجهه مبتسما وهو يجيبه بحب
بنتي عندها ٣ سنين بس إيه بقى قمر زي البطة كدة وډمها زي السكر عكس امها خالص تنكة وشايفة نفسها مش عارف انا على إيه والله 
ضحك علاء وقد اندمج معه في الحديث قائلا بمزاح 
إيه ياعم دا انت شكلك مش طايقها خالص 
اشار بإصبعيه على عضمة رقبته قائلا بإسلوب فكاهي
صدحت ضحكة علاء مقهقها حتى دمعت عيناه والاخر يشاركه
دا انت باينك
 

تم نسخ الرابط