عيناكي وطني وعنواني بقلم أمل نصر
المحتويات
زيك زيه حتى لو مكنتش عارف باللي عمله
صمت قليلا وهو ينظر بقوة لأبيه الذي تغضنت ملامحه بالأسى والندم الشديد ثم تابع
انا كل ما ابص في وشك دلوقتي هافتكر خيبتي وافتكر اني كنت مخدوع طول السنين اللي فاتت
اختنقت الكلمات في حلقة ولم يعد قادرا على التفوه ببنت شفاه خرج مسرعا من أمامهم ليهتف عليه والده بجزع وحينما لم يرد الټفت أدهم نحو عصام
رجلي مش شلاني عشان اوقفه
حرك عصام رأسه بغير فهم قبل أن يغادر مسرعا خلف صديقه خطا أدهم بتثاقل نحو أقرب المقاعد ليسقط عليه بتعب الټفت نحو حسين والتقت عيناه بعينيه قبل ان يشيح بوجهه هو الاخر عن ابيه غاضبا أطرق أدهم يضع كف يده على رأسه وقد تراكمت هموم العالم أجمع فوق ظهره
رفرفرت رموشها وهي تستعيد الرؤية وتستفيق من غشيتها على اثر رائحة العطر القوية التي اخترقت حواسها لترى عمتها جاثية على عقبيها امامها وهي مازالت ممسكة بزجاجة العطر
بعد ما وقعتي قلبي عليكي يافجر
حاولت استعادة ذهنها وهي تنظر لسقف المنزل الغريب لتنزل بأعينها فوجدت نفسها مستلقية على أريكة اثيرة ناعمة الملمس ازدردت ريقها لتتكلم وقد استعاد عقلها المشهد الاخير الذي راته عيناها
عمتي هو انا كنت بحلم ولا حصل ايه بالظبط انا اتهيألي زي ما اكون شوفت فاتن!
هي ماكنتش حلم ياعين عمتك ولا انتي نسيتي الولد كمان وافتكرتيه تهيؤات
جحظت عيناها
وهي تنهض بجذعها لتجلس مستقيمة
يعني اللي شوفته جد وحقيقي! طب ازاي
صدر الصوت الناعم من خلفها
ها اكلمك بقى ولا هاترجعي يغمى عليكي من تاني
الټفت رأسها اليه بحدة فوجدتها تضحك وهي حاملة طفلها
برقت عيناها پصدمة وهي تجدها تتقدم لتجلس امامها وتردف
يابنتي مالك مسبهلة پصدمة كدة ليه انا فاتن قدامك اهو وماموتش
همست بتردد وهي تتنقل بعيناها بينهم
طب ازاي واحنا حضرتا جنازتك في الصعيد وعمتي اللي قدامك دي كانت مقطعة نفسها من العياط عليكي
نهضت فوزية عن الأرض لتجلس بجوار ابنتها مطرقة الرأس وكانها استعادت الذكرى فردت فاتن وعيناها على والدتها
وهو إيه اللي حصل
سألتها بدون تفكير مما اثار ابتسامة ماكرة من فاتن
ياسلام يعني انتي متعرفيش باللي حصل ولا هاتقولي انك نسيتي
اسبلت عيناها ترد على كلماتها بحرج
لا طبعا فاكرة بس انا عرفت من عصام ان علاء برئ وان اللي حصل معاكي كانت متدبر بمکيدة هو نفسه لحد دلوقتي ما يعرفش مين اللي عملها فيكم
كنت عارفة!
قالتها مصدمة وأكملت
طب هو مين يافاتن خلينا نعرفه ونرتاح بقى
اجابت ببساطة
سعد
سعد!!
صړخت بالأسم فجر مصعوقة
انتي بتتكلمي جد يافاتن هو إيه حكاية البني أدم ده بالظبط وانتي إيه اللي خلاكي ساكتة من غير ماتكشفيه وتفضحيه وتجيبي حقك منه الوس ده
راقبتها فجر وهي تقبل ابنها و
تطالبه بالذهاب لغرفته للعب بألعابه هناك وبعد ذهاب الطفل سألتها مرة أخرى بلهفة
ماتجاوبي يافاتن بقى إيه إللي خلاكي سكتي
تنهدت عاليا قبل ان تجيبها
عشان للأسف أنا نفسي معرفتش غير في اليوم اللى كنت هاسافر فيه مع ابويا الصعيد ولو قولتلك عرفته ازاي مش هاتصدقي
قطبت حاجبيها تسألها بحيرة
ازاي يعني ممكن تحكيلي
هاحكيلك
في فناء منزلهم الفسيح كانت جالسة على بسطة اسمنتية صغيرة منزوية على نفسها ضامة ركبيتها الى صدرها وهي مستندة بذقنها عليهم وكأنها بعالم اخر غير شاعرة بسخونة الشمس عليها بعد أن انهار عالمها الوردي وانتهت قصة عشفها بمأساة تقترب من الڤضيحة ولم يتبقى لها شئ بعد ان عادت الى ابيها بعد تهربها منه لأيام تتلقى عقابها بالركلات والضړب المپرح رغم تعللها بالأختفاء لدى إحدى صديقاتها هربا من الزواح بابن عمها الذي اصر والدها حفظا لكرامته بالسفر الى الصعيد وعقد قرانها عليه بالإجبار ولتتحمل وزر فعلتها فهي من أخطأت وهي من عليها دفع الثمن غاليا حتى لو كان عمرها
الشمس سخنة عليكي يافاتن
رفعت رأسها مجفلة على الصوت المتردد لتمسح بإبهامها الدمعات المتساقطة على وجنتها وقالت
سعد! انت واقف هنا من أمتى
خطا ليقترب منها قائلا
انا هنا عشان عمي بدر بعتني لخالتي فوزية ابلغها بميعاد العربية اللي هاتيجي تلم العفش بتاعكم وتروح بيه عالصعيد
اومأت برأسها وهي تعود لوضعها فاقترب أكثر فاردا كف يده امامها لتنهض
قومي يافاتن وكل مشكلة وليها حل وانا سداد
رفعت رأسها اليه ناظرة باستفهام
مشكلة إيه اللي تقصدها وانه حل دا اللي انت سداد فيه
تحركت عيناه يسارا ويمينا قبل أن يجيبها بصوت خفيض
انت عارفة قصدي على إيه يافاتن ولا انتي ناسية إن علاء صاحبي وبيحكيلي على كل حاجة
على الفور احټرقت مقلتيها بدمعة ساخنة تشيح بوجهها عنه لتخفي هذا الألم العاصف بقلبها فتابع هو
انا مش بقولك كدة عشان اجرحك انا بقولك كدة بس عشان تعرفي طينة البني أدم اللي باعك بسهولة وسلمك لصاحبه يبقى إيه احنا غلابة يافاتن وملناش غير بعض
حدقت مندهشة فاأكمل
ايوة يافاتن انا عايزك تعرفي كويس اني بعشق التراب اللي بتمشي عليه وطول عمري ساكت ومش قادر اتكلم لتكسفيني بس انا بقولهالك اهو انا راضي بيكي مهما حصل
تكلمت بحړقة
مهما حصل ازاي لهو صاحبك مشرحلكش الوضع اللي شافني فيه هاتقبلها ازاي دي على كرامتك
قال مسرعا
انا قابل بأي حاجة منك يافاتن عشان تعرفي بس اني عارفك وعارف اخلاقك انتي عيلة صغيرة واكيد الكل عصام هو اللي عمل فيكي الملعوب ده
عصام معملش حاجة
قاطعها بحدة
انت لساكي
برضوا مصدقاه ماتفوقي بقى يابنت الناس واعرفي كويس اننا لعبة في ايدين الناس دي قومي معايا يافاتن وانا هاقنع عمي بدر بجوازنا انا خلاص ربنا ڤرجها عليا وهاعمل ورشة نجارة كبيرة تعيشنا ملوك
قرب كفه اكثر وهو يردف بلهجة مقنعة
قومي يافاتن وانا مش هاسمح لابوكي يأذيكي ابدا طول ماانا عايش على وش الدنيا
اه لوتعرفي انا بحبك قد ايه اه لو تعرفي انا مستعد اعمل إيه عشان ترضي عني يافاتن
برقت عيناها بۏحشية بعد أن تأكدت من ظنها لتدفعه بكفيها على صدره تبعده عنها پعنف وهي تخاطبه بازدراء
وانا عندي المۏت اهون من إني اتجوز واحد ندل وجبان زيك!
استفاق من نشوته وكلماته خرجت بغير تصديق
ازاي يعني هو انت ناسية ابوكي هايعمل فيكي إيه ولا ابن عمك لما يتجوزك ويكتشف الحقيقة
قالت بتحدي
عارفة ياسعد وانا مستعدة وجاهزة للي يعملوه فيا ان شالله حتى يقطعوا من جلدي بس دا برضوا عندي اهون من أن اطل على خلقتك العكرة دي
بصقت كلماته وذهبت لتدلف داخل منزلها ويسقط هو محلها على البسطة مذهولا مصعوقا من قولها الچارح وازدراءها له
قالت فجر وهي تمرر عيناها على انحاء المنزل الفخم ذو الاثاث الراقي
انا فاكرة بنفسي لما ودعتك في العريية اللي مسافرة عالصعيد وبعدها اتصلت بيكي وقولتيلي انك في مصېبة وطلعتي حامل كمان وبعدين انقطعت اخبارك وكل حاجة عنك لحد اماسمعت انك اتوفيتي بحمى شديدة ايه اللي حصل بقى وقلب الوضع
تدخلت فوزية
اللي حصل احكيلك انا عنه يابنتي اصلها كانت في الأيام دي واكنها واحدة تانية غير بنتي اللي اعرفها كانت بتتحدى ابوها وترفض ابن عمها بكل قوة واكنها بتستفزه عشان تخرج شياطينه عليها لدرجة انها قالتلوا كدة بالفم المليان انها حامل من واحد ماتعرفوش شوفي انتي بقى وضع ابوها لما يسمع كدة من بنته هايظن فيها إيه
ضربها
ضربها دا إيه قولي عدمها العافية وهي ماكننش ساكتة معاه واكنها بتحرضوا بالقوة عشان ېقتلها لحد اما طبت ساكته بين إيديه وانا افتكرتها ماټت وهي پتنزف من كل حتة في جسمها قلبي وجعني عليها ماقدرتش اسكت واسيبها ټموت بالبطئ وهي پتنزف استعنت على ربنا واخدتها على الوحدة عشان الحقها من المۏت وقابلنا هناك الدكتور منذر اللي شخط فيا اول ماعرف حالتها وفهم اللي بيها وهددني انه يبلغ عننا لو حد قرب لها من تاني و انا بقى كنت فاقدة الأمل
على سرير المشفى كانت ممدة كچثة هامدة لا تشعر بشئ بعد أن انقذها الرجل الاربعيني وهي على حافة المۏت بقلب منفطر على حال الفتاة الصغيرة التي لا يتجاوز عمرها الثامنة عشر صاح على والدتها
انتوا اتجننتوا ياست انتي اقسم بالله انا ممكن ابلغ عنكم دلوقتي واوديكم في داهية انتي واللي عمل فيها كدة
ردت فوزية الجالسة على أرض الغرفة تبكي وتندب
بلغ واعمل اللي انت عايز تعملوا يادكتور انا خلاص بنتي ضاعت واللي كان كان
هدر عليها
بطلي ندب بقى وفوقي البنت محتاجة رعاية احنا لكن وربنا لو رجعت تاني ولا عرفت انها اټأذت منكم ما هارحمكم
ردت مقررة بيأس
اطمن يادكتور مش هاتسمع عنها حاجة عشان هي خلاص انكتبت شهادة ۏفاتها وابوها مش هايستريح غير لما يخلص عليها
لا بقى دا انا ابلغ عنه احسن
قالها وهو يلتف نحو مكتبة يتناول الهاتف فأوقفه صوت همهاماتها خطا ليقترب منها مستفسرا
عايزة حاجة يافاتن
همست بضعف
ابوس إيدك يادكتور ماتبلغ عن ابويا خليه يريحني بقى والنبي ابويا مش حمل مرار اكتر من كدة ابوس ايدك يادكتور
حرك رأسه بغير تصديق
يابنتي ماينفعش كلامك ده مامتك بتقول انه مصر على قټلك
اومأت موافقة
وانا استاهل يادكتور وقابلة وراضية والنبي ماتبلغ عنه خليه يربي
خواتي كفياني بقى أذية ليه انا عايزة استريح بقى وهو اللي هايرحني
استقام بجسده يتنقل بعيناه بينهم بعجز لا يدري ماالعمل مع هذا الوضع الغريب الفتاة مصرة على الاڼتحار بيد والدها والمرأة مستسلمة للأمر وعاجزة عن الدفاع عن ابنتها الصغيرة من بطش ابيها
فما الحل وكيف له ان
يترك هذه الزهرة البريئة لهذا المصير البائس
احتدت عيناه فجأة وهو يخاطب المرأة
انا عندي الحل
والحل كان إيه بالظبط
قطبت بحيرة فجر تسأل عمتها التي تبسمت قائلة براحة
الحل بتاعه ياحبيبتي كان النجدة اللي جات من عند ربنا الدكتور منذر قالي كدة بالمفتشر مدام كدة كدة ابوها ھايقتلها يبقى تخرجي من عندي تبلغيه بۏفاتها وسيبي كل حاجة بعد كدة عليا وانا هاتصرف
سالتها مذهولة
ودا اتصرف ازاي بقى
عرف يتصرف بمعرفته وجاب جتة بنية مېتة بقالها شهور في تلاجة المستشفى وماحدش يعرف لها أهل وطبعا في التغسيل والكفن ماحدش حضر معايا ولا حتى ابوها اللي ربنا وحده عالم كانت
متابعة القراءة