عيناكي وطني وعنواني بقلم أمل نصر

موقع أيام نيوز


على كنب الصالون بشكل فوضوي أزاحت مجموعة منها بيدها لتجلس وهي تهتف 
ياماما انتي فين ياماما 
خرجت لها سريعا وهي تنشف يداها بمريلة المطبخ التي ترتديها فقالت 
ايوه أيوة بتندهي بصوتك العالي كده ليه خضيتي الجيران 
لوحت بيدها حولها قائلة بضيق
بنده عشان اشوف البلاوي دي ايه ده ياماما هو انت نويتي تفتحي محل قمصان نوم وعبايات بيتي 

هاها ظريفة اوي حقيقى ضحكتيني 
قالتها بسخرية وهي تخطو لتلملهم بيدها وتابعت
دول هدايا ياعنيا 
هدايا لمين 
هدايا لمرات خالك عيد وبنتها العروسة 
صاحت عليها صاړخة
كل دول هدايا ليه ياأمي هو انتي غنية اوي لدرجادي 
اعتدلت رجاء تجلس أمامها بعد ان وضعتهم جميعا على المنضدة الصغيرة فقالت بضيق
مش كلهم يامنيلة هي أساسا كانت موصياني عليهم عشان البلد هنا ارخص والحاجات كتير واحلى وانا بقى جبتلها كام واحد من نفسي 
تمتمت بحنق
اممم
ماشي ياماما ربنا يهني سعيد بسعيدة 
وانتي بقى فين هديتك 
قالت بتهكم ردا على سؤالها 
نعم !! هدية مين ياحبيبتى وانا مالي أصلا 
انت مالك دا إيه امال هاترحي معايا بأيد فاضية 
فغرت فاهاها وتدلى فكها بشكل فكاهي وهي تومئ بيدها فى الهواء وتوشك على الإصابة پصدمة عصبية
تاني ياماما تاني برضوا مصرة انك تاخدينى معاكي الزفت البلد رغم كل اعتراضي ده انا قايمة وسيبهالك 
نهضت على الفور تاركة والدتها فى الصالة وحدها والتي همست بتوعد 
ماشي ياسحر ان ماكنت اخليكي تيجي معايا مبقاش انا رجاء 

نعم !!
قالها بحدة وهو ينهض عن مقعده پعنف لدرجة أجفلت من حوله من الرجال واثارت استياء علاء الذي خاطبه بحزم
اقعد ياسعد بلاش فضايح الرجالة حواليك أخدت بالها 
تابع الاخر دون ان يبالي 
وماياخدوا بالهم ولا يتفلقوا حتى هو انت يهمكم حد في الدنيا غير مصلحتكم 
نهض علاء واقفا ليساويه في الطول بل ليظهر الفرق الشاسع بين جسده الضخم الطويل وجسد الاخر المتوسط والهزيل قال علاء بتحذير
تقصد إيه بكلامك ياسعد اننا مايهمناش غير مصلحتنا 
هتف سعد أمام نظرات الرجال الذين ارتكزت أبصارهم عليهم 
قصدي انت عارفه كويس ياعلاء افهم ايه انا بقى لما أكلمك عن واحدة جارتك تخطبهالي وتيجي انت تاني يوم تقولي اخوك اتقدم لها كمان لا وابوها قال خيرها ما بيني وبينه والبنت بقى اختارته هو ماهو طبيعي انها تختاره ابن الحاج ادهم المصري ومعاه شركة سياحة دا غير شكله اللي عامل زي الخواجات هايروح فين سعد الغلبان فيكم ياعم 
ضيق عيناه وهو بهز برأسه يستوعب 
انت واخد بالك من نفسك ياسعد ولا واخد بالك من كلامك ده خلي بالك كلامك ده هايتحسب عليك انا مازلت لحد الان بتصرف معاك بأدب ومراعي موقفك رغم اني مستغربه جدا صراحة الهوليلة الكبيرة دي على بنت شايفها يادوبك مرتين بالعافية امال لو كانت حب عمرك كنت عملت ايه يعني وعلى فكرة بقى أخويا هو اللي اتقدم الأول ومكانش يعرف نيتك منها وكون البنت اختارته فدا مش ذنب يتعلق بيه أما انت بقى لو شايف معاك حق وعايز تكبر الموضوع كبره براحتك دا لو معاك حق أصلا! 
صمت وصمت الاخر وظلت فقط حرب النظرات قبل ان يتملك اليأس بعلاء فقال مغادرا 
انا شايف ان مالوش فايدة القعاد وحتى القهوة اشربها انت سلام بقى ياصاحبي 
تحرك من امامه وذهب امام عيناه التي كانت تشتعل بنيران الحقد وكلماته تتردد برأسه امال لو كانت حب عمرك كنت عملت ايه تدخل أحد الرجال قائلا 
هو مين فيهم اللي غلط فيك ياسعد المعلم أدهم ولا اخوه 
قال الاخر 
تلاقي بس في سوء تفاهم
مابينهم المعلم ادهم مايهونش عليه زعل صاحبه وحسين ربنا مكمله اخلاق وادب 
بسس !!!
قالها پحده فتوقفت الالسنة عن الكلام قبل ان يتابع 
اللي بيني وبين عيال أدهم المصري ماحدش له دعوة بيه 
تحرك بعدها مغادرا القهوة وهو يخرج من جيب سترته الهاتف ليهاتف رقم إحداهن وقد مر وقت طويل على اخر مكالمة بينهم انتظرها لحظات حتى اجابت اخيرا هامسة بغير تصديق 
سعد !!
بتتصل بيه ليه 
قال بحدة وقد ابتعد بمساحة كافية عن اعين رجال القهوة المتلصصة
عايزك 
نعم !
ايه ياعين خالتك هي اول مرة 
قالت برجاء
لا مش اول مرة سعد بس انا دلوقتي ست متجوزة وانت وعدتني انك هاتسيبني في حالي وتشوف نفسك 
ورجعت في كلامي ياستى تيجي حالا ياروح اڤضحك قدام جوزك واخربها عليكى 
يامصيبتي يامصيبتي انت جرالك إيه النهاردة بس جوزي في البيت مقدرش اخرج ماتخربش عليا حرام عليك 
قال بلهجة اخف حدة 
تمام يبقى تجينى بكرة على مكانا القديم وقت جوزك مايكون في شغله اظن كده معندكيش حجة بقى ماشي ياحلوة 
وصله صوتها بهمس منكسر
ماشي 
اغلق فى وجهها الهاتف ومازلت كلمات علاء تترد فى عقله حتى تمتم هو مع نفسه
حب عمري!! ما انتوا السبب في ضياع حب عمري !!

على حائط السور الرخامي لدرج المبنى الخلفي ألمؤدي للحديقة الداخلية بالمشفي استندت برأسها تبكي وتذرف دماعتها مستغلة خلو هذا المكان من المرضى او الزائرين شعور بالقهر تغلغل داخل أعماقها تريد الصړاخ اعترضا عما يجيش بصدرها فكيف السبيل لنجاتها من
هذا الغزو الذي حاصرها وسيطر على عقول جميع أفراد عائلتها عاجزة عن صده فلو تكلمت الان لجرحت اعز احبابها في سمعتها وهي التي استأمنتها على سرها رغم صغر سنوات عمرها فكيف السبيل او الحل وهي التي ظنت انها تناست ماحدث مع مرور عدة سنوات 
اااه 
خرجت پألم من اعمق اعماقها لتسمع همسا اجشا خلفها يقول 
ياه لدرجادي انتي تعبانة وحزينة
شهقت منتفضة وهي تستدير على مصدر الصوت فوجدته بهيئته المهيبة مستندا بكتفه على نفس الحائط الرخامي 
هتفت فيه وهي تمسح پعنف يدها الدموع العالقة على وجنتيها غير مبالية بمركزه 
انت إيه يابني أدم انت مترصد ولا مچنون عشان تعمل حركات العيال دي وتوقف تخضني في مكان خالي زي ده 
مط بشفتيه قائلا ببساطة 
انا اقف في المكان اللي يريحني المكان مكاني والمستشفى ملكي أبا عن جد 
أومأت برأسها قائلة بفظاظة
يعني إنسان صايع ومدلع والده عينه مدير لمستشفى كبيرة ومهمة زي دي بس عشان يسلي بيها وقته بدل ما يقعد فاضي من غير شغلانة 
تبسم رغما حنقه من حدة لسانها فقال بهدوء 
اولا انا مش انسان صايع ولا مدلع انا دراس وأخدت شهادات مهمة من أعظم الكليات في لندن ثانيا بقى انا مكنتش واقف عشان اخضك انا بس لمحت شبح واقف فى المكان الفاضي ده وقولت اشوف واطمن كوني اني وقفت شوية خلفك من غير ما اتحرك ولا أنبهك فدا لأني اتعاطفت معاكي لما لاقيتك بټعيطي بحړقة 
زمت شفتيها بخط قاسې وهي تحاول جاهدة السيطرة على رجفة الألم بداخلها فاستدارت عنه تعطيه ظهرها قائلة بصوت خارج بصعوبة
طيب ممكن بقى تسيبنى في حالي وتحتفظ بالتعاطف دا لأي حد غيري تاني 
تقدم بخطواته ليقف أمامها مباشرة واضعا يديه داخل جيبي بنطاله ينظر لها بتحدي قائلا 
على فكرة الدموع مش حاجة عيب عشان تتكسفي منها وتداريها عن أقرب الناس ليكي 
رفعت وجهها الذي أغرقته الدموع قائلة باڼهيار
ياأخي ما تسيبني في حالي بقى وشوفلك حاجة تاني تتسلى بيها 
إيه علاقة علاء المصري بيكم 
باغتها بسؤاله فتجمد وجهها لعدة لحظات وهي ناظرة اليه فاغرة فمها بعجز قبل أن تجد صوتها اخيرا فقالت 
هو انت إيه حكايتك مع علاء المصري وليه مصر تعرف علاقتنا بيه هو انت مين بالظبط
تنهد من اعماقه وهو ينظر بعيدا عنها فقال 
ان كان على حكايتي مع علاء فدي ليها تاريخ انتهى من سنين وليه مصر إني اعرف علاقتكم بيه فدي ليه سبب وجيه اوي عندي الشبه الغريب !
شبه إيه بالظبط
احتدت عيناه واكتسى وجهه بالڠضب فقال 
تقربلكوا إيه فاتن 
تقربلكوا إيه فاتن 
خرج صوتها المتشنج وهي تسأله بقوة 
انت مين 
لم تجفله هيئتها الجديدة فقال بهدوء 
انا عصام الوالي إبن الدكتور أكرم الوالي مدير المستشفى اللي احنا واقفين فيها دلوقتي 
هتفت بحدة 
انا مش عايزة اعرف اسمك أنا عايزة اعرف إنت إيه علاقتك بعلاء بالظبط وتعرف فاتن وشبهنا احنا بيها ازاي 
مالت زاوية فمه بابتسامة ساخرة قبل ان يقول 
انت مش ملاحظة انك بتكرري نفس سؤالي ليكى بس مع فرق الصيغة 
برقت عيناها أكثر مع ارتجاف جسدها الغاضب فقالت وهي تجز على اسنانها
اسمع ياجدع انت انا معنديش مقدرة على تحمل برود اعصابك ده وانت بتكلمني عن أعز انسانة عندي واكنك كنت تعرفها هي شخصيا! جاوب عليا وقولي انت مين 
خرج سؤالها الاخيرة پصرخة جعلته يتخلى قليلا عن ثباته المستفز فقال 
أنا كنت صاحب علاء واعرفها هي زي ما كنت بعرف كل أهل الحارة عندهم دا كان قبل ما تتقطع كل علاقتي بيه واسافر على انجلترا واكمل تعليمي هناك 
بس
شعرت بارتباكه الملحوظ بعد سؤالها المختصر بكلمة واحدة في لغة جسده المتوترة وشحوب وجهه الوسيم فقال 
أظن انا كده قولتلك على علاقتي بعلاء ومعرفتي بفاتن جه الدور عليكي بقى عشان تقوليلي عن علاقتكم بيها 
ضيقت عيناها قليلا وهي تنظر اليه بتفكير وكأنها غير مقتنعة بإجابته او تشك بقوة انها ناقصة بحقائق مهمة خرج صوتها اخير فقالت باقتضاب 
سر الشبه الكبير مابينها وبين أختى هو إنها تبقى بنت عمتي 
تحركت فورا لتستدير عنه فاأوقفها بسؤاله المتلهف
طيب هي فين دلوقتي وإيه أخبارها 
عادت مرة أخرى تحدق بعيناها الى عيناه ذات الون البني الفاتح فقالت 
ماعدتش في أخبار عنها خلاص فاتن مېتة بقالها سنين كتير مېتة من يجي ١١ سنة 
هل هذه صدمة التي ظهرت جلية بشكل مخيف على ملامح الرجل ام أنه تأثر بخبر مۏتها لم تريد معرفة الإجابة فقد استدارت مغادرة وتركته متسمرا مكانه وكأنه تمثال حجري لا تبدوا عليه أية مظاهر للحياة 

حينما عاد إلى منزله وفتح الباب ليدلف داخله خطى بهدوء متعمدا عدم اصدار صوت حتى لا يوقظ والدته فترهقه بأسألتها وهو لم يعد به طاقة فيكفيه ما تلقاه من سعد منذ قليل تمشى بهدوء حتى وصل لباب غرفته فاتفاجأ بصوتها يهتف من خلفه 
إنت جيت من إمتى ياعلاء 
تدلت أكتافه بإحباط وأغمض عيناه قليلا قبل ان ابتسامة على وجهه وهو يلتفت لوالدته الجميلة التي تقدمت نحوه بابتسامة غابت عنها طويلا ووجه مشرق وكأنها عادت بالزمن سنوات للخلف فقالت بمشاكسة
ماشي كده بتتسحب وداخل على اؤضتك على طول هربان من حاجة ياولا 
مال بوجهه ينظر الى حيويتها وهي تسير
 

تم نسخ الرابط