ضبط واحضار بقلم منال سالم

موقع أيام نيوز

ما أنا مخطط وراسم.
مط رفيقه فمه في إعجاب ليعلق بعدها 
مبروك عليك طول عمرك مصدر فخر لينا كلنا وأنا واثق إنك هتبهرنا.
تنهد متابعا 
ربنا المعين وأقدر أحقق نتائج كويسة.
أكد له في ثقة 
إنت أدها يا باشا.
عبث بعدها أنس في ساعة يده متسائلا بوجهه الباسم 
مش ناوي تعزمني بمناسبة الأخبار الحلوة دي
رمقه بهذه النظرة الحادة قبل أن يخبره 
مش لما أخلص حقي القديم منك الأول.
وماله أنا رقبتي سدادة خلي المرادي عليا.
انتهز الفرصة ليبدي موافقته وهو ينهض من مقعده 
وأنا مش هرد كلامك بينا.
قام أنس هو الآخر من موضع جلوسه وهسهس في صوت خفيض 
استر يا اللي بتستر وما يطلعش زعلك غالي وينفض جيوبي!
رغم خفوت نبرته إلا أنه استطاع سماع جملته الشاكية لذا ابتسم في انتشاء لأنه عكر صفوه بشكل ما.
وقت الفراغ بالنسبة لها كان يعني تمضية المزيد من اللحظات المميزة مع رفيقاتها حيث يمكنهن التجول في المراكز التجارية المختلفة أو تناول الطعام في واحد من المطاعم المتخصصة في الوجبات الغريبة. ألقت بهاء نظرة تفقدية سريعة على الحقائب المتنوعة التي تحملها في يديها قبل أن تدير رأسها نحو رفيقاتها اللاتي تباطأت خطواتهن بعد لف لمدة لا تقل عن الساعتين بين المحال المختلفة لابتياع المميز من الثياب ومنتجات العناية بالبشرة والشعر وكأن هناك مسابقة للجمال قد انضممن إليها مؤخرا. 
هتفت ميرا بتذمر موجهة كلامها للجميع 
خلاص مش قادرة رجلي بتوجعني يا ريت تشوفوا مكان نقعد فيه.
اقترحت عليهن بسنت وهي تشير بيدها للأمام 
هناك ال
تساءلت بهاء مستعلمة 
طب هنطلب إيه أكل ولا هنشرب حاجة
في التو قالت ميرا وقد اتجهت نحو أحد المقاهي الحديثة القريبة من جهتها 
يا ريت نقعد في الكافيه ده ونشرب منه أي حاجة سخنة.
لم يتجادلن حول اقتراحها كثيرا فالتعب قد بلغ مبلغه منهن وكن بحاجة للراحة لبعض الوقت. استقرت الشابات حول مائدة مستديرة لتستطرد بسنت متحدثة وهي تميل قليلا بجسدها نحو رفيقتها المقربة 
بيبو وصلك الميل بتاع التدريب
أجابتها بهاء بإيماءة مقتضبة من رأسها 
أيوه شكله هيبقى جامد أنا قريت تفاصيله مختلفة ومش زي أي حاجة حضرناها قبل كده.
وافقتها الرأي وزادت عليه 
دي أول مرة يعملوا النوعية دي من التدريبات.
جاء تعقيبها منطقيا 
علشان كده أنا متأكدة إنهم هيجيبوا أحسن ناس فيه.
فتحت بسنت هاتفها المحمول لتستعرض الرسالة الإلكترونية التي وصلتها على بريدها الخاص أظهرتها لصديقتها قائلة وهي تشير نحو سطر بعينه 
كاتبين إن فيه جزء عملي كمان وإنه أساسي في التقييم.
ضيقت بهاء عينيها لتقرأ مجددا ما دون في الرسالة ثم أردفت بشيء من الثقة 
وماله مافيش حاجة هتستعصى علينا.
علقت عليها بسنت في امتعاض ظاهر 
المهم نشتغل في الآخر ما يبقاش بعد الصرف ده كله نقعد في البيت.
قطبت رفيقتها جبينها مخاطبة إياها 
ما هو على يدك الشغل المتاح إما سكرتيرة عند مدرس مشهور يا في مكتب تخليص جمركي على أده يا إما في مكاتب تصوير وحاجات لا تذكر...
هزت بسنت رأسها كنوع من التأييد لها فتابعت بهاء بنفس الجدية 
والشركات المحترمة عايزة ناس عندها خبرة طب هنجيبها إزاي واحنا أصلا مش لاقيين حد يشغلنا
ثم أصبحت نبرتها أكثر حدية وهي تسألها 
ولا إنتي عاجبك نشتغل في وظيفة أي كلام
حاجة أقل من قيمتنا
بلا أدنى تردد نفت بسنت وهذا التعبير المحتج يسود قسماتها 
لأ طبعا.
بعد لحظات كن جميعا يجلسن حول طاولة شاغرة قمن بوضع مشترياتهن أرضا وبدأن في استعراض قائمة المشروبات بشيء من الحيرة استطردت ميرا متحدثة أولا 
هتطلبوا إيه يا بنات
ردت عليها بسنت بتحير 
مش عارفة أول مرة أجرب الأعدة هنا.
اختطفت بهاء قائمة المشروبات من يدها وقالت في
ثقة معهودة بها.
هاتي المنيو وأنا هجيبلكم حاجة حلوة على ذوقي.
لم تبد أيا منهن أدنى معارضة وتركن لها مهمة اختيار ما قد يرضي أذواقهن المتباينة فتحركت من فورها صوب عامل الكاشير لتطلب ما وجدته مناسبا وفق ذوقها المميز.
كعادته تفادى نظرات الإعجاب التي يستطيع تبينها وقراءتها بسهولة كلما مر بجمع من النساء فوجوههن مع حركة أعينهن المنبهرة بجانب تعليقاتهن الهامسة تفضح تأثير حضور عليهن ورغم ذلك لم يكن يشعر بالرضا عن حاله بل بدا الأمر وكأنه تحت وطأة من الضغط والإحراج لهذا كان لا يحبذ التواجد في الأماكن العامة أو التي تشتهر بالزحام. انعكس العبوس على محيا عمر
ما كنا روحنا أي كافيه عادي وخلاص لازم يعني هنا.
استدار أنس برأسه ليتابع سير إحداهن وهي تتغندر في مشيتها قائلا 
يا باشا المزز الحلوين كلهم بيجوا في الأماكن دي.
لكزه عمر في جانب ذراعه قبل أن يوبخه 
مش إنت توبت يا ابني ولا أنا غلطان
حمحم مرددا مبتسما ابتسامة عريضة 
أيوه طبعا بس ده لا يمنع إني أمتع عيني بالحلويات والجمال الرباني.
بدا غير راض عن سلوكياته المتجاوزة فلوى ثغره مدمدما بتهكم 
شكلك من اللي بيضحك عليهم بسهولة ده كلهم يا نافخين يا ضاربين الشغل.
أطلق ضحكة قصيرة ليضيف بعدها بابتهاج غريب 
وماله هما بيعملوا ده كله ليه مش علشان احنا نتبسط ونكون راضيين عنهم خلينا نقدر تعبهم ده.
بلهجة محذرة تكلم عمر وهو يشير إليه بسبابته 
مش هترتاح إلا لما تقع على جدور رقبتك.
رفع كفه للأعلى معترضا عليه 
مش أنا يا باشا.
في غير صبر قال عمر وهو يطوي ذراعي نظارته الشمسية ليعلقها في الزر العلوي لقميصه السماوي الذي يبرز انتفاخ عضلاته 
طب شوف هتقعدنا فين.
أشار أنس بيده نحو أحد الأماكن هاتفا بنبرة متحمسة 
الكافيه ده ممتاز...
ثم خفض من نبرته مكملا بابتسامة لعوب 
وفيه طراوة وحلاوة ما تتوصفش.
فهم ما يرمي إليه فرسم ذلك التعبير الجاد على تقاسيمه معقبا 
قولتلي بقى.
لم يتركه عمر يهنأ باختياره حيث جذبه من كتفه بخشونة طفيفة ليأمره في لهجة صارمة لا ترد 
خلينا نقعد جوا علشان عينك الزايغة دي.
تنهد مليا وهو يقول مستسلما دون أن يبعد عينيه عن إحداهن 
أوامر معاليك.
كادت تمضي لحظاتها اللطيفة مع رفيقاتها بسلاسة ويسر لولا أن تعثرت بغير قصد في مشيتها أثناء حملها لأكواب المشروبات الساخنة التي ابتاعتها لهن فقذفت بها نحو ذلك الجالس على مسافة قريبة منها فانتفض فزعا وقام واقفا ليلقي نظرة تفقدية على بنطاله الأزرق وكذلك قميصه الفاتح. تنفس الصعداء لأن ثيابه لم تطلخ أو تتسخ على الإطلاق. على الفور بادرت بهاء بالاعتذار الشديد 
أنا أسفة جدا والله مقصدش ده حصل ڠصب عني.
دون أن ينظر ناحيتها رد عمر في تفهم 
حصل خير.
سرعان ما ارتفع حاجباها للأعلى في ذهول عندما رأت ملامحه المألوفة بينما تعكرت تعبيراته وانتشر فيها عبوسا جليا عندما أبصرها. انقلبت سحنته وهاجمها بتحفز مبرر 
إنتي تاني
هذه المرة اصطدامها به كان بلا قصد ومع ذلك لم يقبل بسماع أي تفسيرات منها وواصل مهاجمتها لفظيا بنبرة مسموعة لمن حولها 
يعني
أعمل إيه علشان تحلي عن سكتي وتبطلي تبهدليني!!
استشاطت حنقا من تعنيفه الزائد وهتفت في تعصب وهي تستخدم يدها في التلويح إليه 
ما تزعقش قولتلك ما شوفتكش عايز تصدق براحتك مش عايز إنت حر!
تدخل أنس في الحوار محاولا تلطيف الأجواء 
خلاص يا جماعة أكيد ده مش مقصود يعني.
على إثر أصوات الجدال المحتدمة تجمع من في المكان حولهم لتظهر ميرا في الوسط وهي تتساءل بتحير 
هو في إيه
ما لبث أن التقطت عيناها وجه أنس فغامت نظرتها نحوه وكسا وجهها وجوما عظيما ليبدو مثلها مندهشا لرؤيتها ومناديا باسمها 
ميرا!
صاحت تنذره في حمئة 
ما تنطقش باسمي يا كداب يا بتاع التلات ورقات!
دنا منها محاولا تبرير موقفه السابق والمخزي معها 
اسمعي بس.
أخذت بهاء الأمر شخصيا واعتبرته غريمها فاعترضت طريقه وهدرت به بغلظة مستخدمة يدها في الإشارة إليه 
ابعد عنها.
رد محتجا عليها 
أنا عايزة أكلمها بس.
أرجعتها إحدى الشابات للوراء حتى تتجنب الصدام معه في حين ظلت بهاء تسد عليه الطريق وهي لا تزال تحذره 
عارف لو فكرت تقرب منها تاني أنا هقفلك وهبهدلك كمان!
اغتاظ من معاداتها المبالغ فيها وسألها في استهجان ونظرة حادة مسددة إليها 
مين إنتي أصلا علشان تتكلمي بلسانها ولية أمرها وأنا معرفش!!
رمقته بنظرة استحقارية جعلت داخله ېحترق ڠضبا قبل أن تهينه بعبارتها المتوارية 
واحدة عارفة نوعيتك الغشاشة!
احمر وجهه حنقا وهدر يهددها 
إنتي أد كلامك ده
لتخرسه وتلزمه عند حده نزعت غطاء زجاجة المياه الخاصة بها وقذفت بمحتوياتها في وجهه بغتة لتجمده الصدمة وټغرق كامل ثيابه. تفاجأ الجميع بما فعلت وقبل أن تتصاعد الأمور أكثر وتتطور للأسوأ أسرعت بسنت بالإمساك برفيقتها وشدتها من ذراعها للخلف وهي تخبرها 
ليه كده بس
مسح أنس على وجهه بيده ليزيح قطرات الماء هادرا 
قسما بالله لأوريكي.
ردت على تهديده العلني بآخر مماثل له 
لو قربت مني هعمل فيك محضر تحرش ووريني هتطلع منه إزاي.
اشتاط على الأخير وراح يبادلها الټهديد 
طالما محضر بمحضر خليني أعلم عليكي.
لم تعبأ بنبرته المرتفعة وظلت ثابتة تتحداه 
طب يالا يا راجل خليك أد كلمتك.
صاح بها پغضب جم 
إنتي مفكرة نفسك مين
قام عمر بتثبيته في مكانه واضعا قبضته على صدره وحال بينهما بجسده ثم طلب منه في صوت أجش 
اهدى خلاص.
نظرت ميرا شزرا ل أنس وتكلمت في عجرفة 
تعالي يا بيبو ما يستهلش نحرق دمنا علشانه!
حينئذ هدر بها أنس صائحا بما أحرجها وجعلها في موضع مخجل 
قبل بس ما تعملي فيها بنت ناس شوفي كنتي مقضياها مع كام واحد قبلي.
لم تتحمل بهاء قڈف رفيقتها بمثل هذه الاټهامات المسيئة وانطلقت تجاهه هاتفة عاليا ومدفوعة بعصبيتها الهائجة قاصدة التشاجر معه يدويا 
أما إنك قليل الأدب ومش محترم وأنا مش هسكتلك.
ابعد عني إنت كمان سيبني!
رجاها في ضيق بعدما حررها 
امشي لو سمحتي...
ثم وجه كلامه الآمر إلى بسنت قائلا قبل أن يعود إلى رفيقه 
خدي صاحبتك المچنونة دي وامشي من هنا.
اغتاظت من نعته المستفز وأرادت مواصلة الھجوم فاستمر تصيح 
طالما أنا مچنونة بقى خلوني أوريكم الجنان اللي على حق.
هذه المرة منعتها بسنت من تجاوزه والوصول إليهما برجائها المتوتر 
علشان خاطري أنا تعالي معايا.
أجبرتها على الابتعاد عنوة لتغادر مع بقية الشابات وهي لا تتوقف عن الټهديد والوعيد بينما عاد عمر إلى رفيقه ليمنعه هو الآخر من اللحاق بهن تجنبا للاشتباك اليدوي ليتفاجأ بالأخير يسأله في صوت يفح حرارة 
مش دي نفس البنت اللي علمت عليك صح
أجابه باقتضاب وقد شاب تفكيره قدرا من الحيرة
أه هي بس بتسأل ليه
لم يجبه أنس وهسهس في وعيد وعيناه المتقدتين لا تبرحان أثر طيفها الذي رحل 
زي الفل بقت عندي في ال .
تنحنح عمر قائلا وهو يطوف ببصره على من يجلسون حولهما 
اهدى بقى الناس بتتفرج علينا.
واصل أنس الحديث بعصبية 
مفكرين نفسهم حاجة وهما تحت رجلي!
حاول عمر بشتى الطرق إسكاته لكنه ظل يصيح بغيظ 
وصاحبتها اللي عاملة نفسها شريفة ومخدوعة فيا كل يوم مقضياها مع واحد دي معروفة في الجيم كله ولا هي جت عليا!!
شده عمر من ذراعه ليجبره على السير معه هاتفا 
كفاية بقى ويالا بينا من هنا.
جز على أسنانه مدمدما في توعد 
ماشي هتشوف بنت ال ... دي!
تمرير التوافه من الأمور والتغاضي عنها كان أمرا عاديا بالنسبة
له إلا حينما يمسه أحدهم علنا
تم نسخ الرابط