ضبط واحضار بقلم منال سالم

موقع أيام نيوز

بهاء بفعل ذلك قامت بسنت بمهاتفة ميرا بعد يومين من انقضاء حفل الخطبة لتتأكد إن كانت الأنباء قد بلغتها أم لا استطردت معها المكالمة متسائلة في عتاب
يعني إن مكونتش أسأل مطنشاني خالص كده
بتأفف محسوس في صوتها علقت
مشغولة يا بسنت مش فاضية.
سخرت منها بنبرتها الهازئة
أه طبعا ما إنتي سيدة أعمال مهمة.
اشتاطت ڠضبا من أسلوبها التهكمي وحذرتها في تعصب
بطلي تريقة.
ابتسمت لأنها نجحت في استفزازها وزادت من ذلك أيضا بإضافتها المتعمدة
طيب أنا قولت أعرفك إن بهاء اتخطبت.
صمتت للحظات كأنها تستوعب الصدمة لتعقب بوجوم بائن على نبرتها
والله .. كويس.
تابعت بسنت على نفس المنوال
عارفة لمين
قالت وكأنها لا تبالي
عادي يعني مش فارقة.
كم تمنت بشدة أن ترى تعبيرات وجهها وهي تنزع فتيل قنبلتها الفتاكة
للرائد عمر اللي كان مسئول عن تدريبنا.
سمعت نبرتها التي تحولت للصړاخ الحاد حينما سألتها
بتتكلمي جد
اضطرت للحظة أن تبعد الهاتف عن أذنها ثم أعادته إليها مؤكدة عليها بتشف
أيوه طبعا أومال أنا بتصل أعرفك ليه!
استمرت على حدة صړاخها وهي تسألها
طب إزاي وخصوصا بعد اللي حصل في الحفلة ده المفروض تكون قطعت معاه
ضحكت بسنت بافتعال فقط لتغيظها ثم استرسلت في الشرح لها
بصراحة هو من قبلها وحاطط عينه عليها وكان مستني الفرصة إنه يتقدملها واللي اتعمل في الحفلة ساعده كتير إنه يقرب منها ويبقى في بينهم ارتباط رسمي وقريب أوي هنحضر فرحهم.
ببساطة شديدة نجحت في تعكير صفوها وما أكد على ذلك إنهائها المفاجئ لمكالمتهما
طب اقفلي دلوقت مامي بتنادي عليا.
لم تبد ممانعة وردت
أوكي سلام!
استرخت بسنت أكثر وقالت وهي تمط ذراعيها في الهواء بأريحية واضحة
شكلها هتطق من الغيظ.
ضحكت في انتشاء وقالت
تستاهل.
في وقت لاحق استجابت على مضض لإلحاحه المزعج بمقابلته رغم نيتها بتجنب الالتقاء به نظرا لعجزها عن تقديم العون له في مسألته خاصة بعدما رفض والدها التوسط في موضوعه لعدم أهميته بالنسبة إليه. جلست ميرا في مواجهة أنس بأحد المقاهي الشهيرة بمركز المدينة انتظرت
ذهاب النادل لإحضار طلبها لتقوم بإخراج سېجارة من علبة السچائر باهظة الثمن التي بحوزتها أشعلت طرفها وسحبت نفسا عميقا إلى رئتيها قبل أن تنفث الدخان دفعة واحدة في الهواء مستأنفة كلامها معه في شيء من الغموض
عرفت إن صاحبك خطب!
نظر إليها متسائلا بتحير
بتتكلمي عن مين
لوت ثغرها قائلة في سخط عظيم معكوس على تقاسيم وجهها
عمر ومش أي واحدة خطبها دي بهاء.
أصبح من الصعب معرفة أي أخبار مستجدة عن البقية بسبب انتقاله للعمل في مكان آخر واستبعاده من مراسلات الأكاديمية الرسمية وغير الرسمية. تحفز في جلسته هاتفا باستنكار
نعم!!!
ردة الفعل التي أظهرها أدهشتها وعلقت على ذلك في استهجان ساخر منه
واضح إنك آخر من يعلم.
كظم كمده مرغما ليسألها بعبوس
سيبك منهم دلوقت وقوليلي عملتي إيه في موضوعي
حسنا لم ترغب في منحه الرد المباشر بالرفض على مساعدته فادعت كاذبة
قولت لبابي وقالي هيتصرف قريب.
كور قبضته ضاربا سطح المائدة في تعصب وهو يخبرها
حاولي تزني عليه منظري وحش أوي قصاد زمايلي.
بلا ابتسام ردت
أوكي طيب.
بس إنت هتعمل إيه بعد خبر الخطوبة ده
أرجع ظهره للخلف قائلا بفتور
ولا يهمني هو اللي عايز يلبس يشيل براحته.
استغربت للغاية من بروده وسألته في إنكار
يعني مش مضايق
قال وهو يشعل سېجارة أخذها من علبة سجائرها
وأنا هستفيد إيه لما أضايق ما كفاية المشكلة اللي وقعت فيها بسببك.
استخدم القداحة في إشعالها لتنظر إليه بتأفف قبل أن تعلمه
أنا هشرب قهوتي وأمشي ورايا حاجات لازم أعملها.
قام واقفا وهو يلملم أشيائه معقبا بسخافة
براحتك بس ماتنسنيش يا مزة!
توقعت أن يقوم بسداد فاتورة الحساب لكن لدهشتها انصرف دون أن يبالي بالتصرف بلباقة وتهذيب معها فانزعجت لذلك ونعتته باستحقار
غبي!
كانت على موعد مع السعادة الحقيقية بظهوره في هذه المحطة من حياتها فأصبحت لحظاتهما معا تجسيدا لما كانت تطمره نفسيهما الداخلية من مشاعر صادقة لا تشوبها شائبة. خلل عمر أصابعه في أنامل معشوقته ليتشابك كفيهما معا ثم راح يطالعها بنظرة والهة فبادلته بأخرى شغوفة قبل أن يستحثها على السير معه في ممشى المارة المتخم بمحال متنوعة ومطاعم مختلفة وأماكن أخرى للترفيه ابتسم لها متسائلا في سعادة لم يخفها
دي أول خروجة رسمي لينا سوا تحبي تروحي فين
هزت بهاء كتفيها قائلة بوجه مشبع بخجل ممزوج بالفرح
أي حتة.
اقترح عليها وهو يشير بعينيه إلى الأمام
سينما حلو
هزت رأسها قائلة
ماشي.
أضاف كذلك بحماس
وبعدها نروح أي مطعم ناكل سوا.
ابتسمت لاقتراحه ورحبت به
اتفقنا.
نظرت إليه من جانبها فشعرت بتأجج عواطفها اللهفى تجاهه كان وسيما عن قرب وجذابا عن بعد أحست وكأنها نالت كل الحظ بارتباطهما الجاد خفق قلبها بقوة وسعادة فتضرعت للمولى في سرها أن تكتمل خطبتها على خير وألا يظهر ما يفسد الود بينهما لكونها تعلم بالنوايا الشريرة لأصدقاء السوء سواء كانت ميرا أو أنس وكلاهما لن يمررا الأمر على خير دون أن يحولا فرحتهما إلى تعاسة.
مضت
أوقاتهما السعيدة سريعا وحان وقت العودة إلى المنزل فاستقلا سيارته معا ليصل بها إلى هناك بعد جولة في الطرقات والشوارع. أبطأ عمر من السرعة تدريجيا إلى توقف المحرك تماما فالټفت إلى جانبه لينظر إليها بنظرته العطوفة الشغوفة ابتسمت في حياء لنظراته وزادت ابتسامتها اتساعا وهو يخاطبها
قبل الساعة عشرة أهو عند بيتك.
ردت عليه وهي ترمش بعينيها
كده عمي هيقدرك بزيادة.
قال وهو يريح مرفقه على المقود
وأنا يهمني رضاه دلوقت لحد ما ربنا ييسر ونكون سوا.
عقب كلماته تلك زادت السخونة المتدفقة إلى وجهها فأطرقت رأسها مرددة بصوت خاڤت خجل
إن شاء الله.
قبل أن تهم بمغادرة السيارة استوقفها بسؤاله الفضولي
كنت عايز أسألك سؤال معين كده من زمان.
نظرت إليه قائلة
اتفضل.
ركز بصره عليها متابعا باهتمام
ليه سموكي بهاء من المعروف إنه اسم ولد غريبة أشوفه على بنت.
توقعت أن يسألها ذلك فأخبرته مستفيضة في التوضيح وعلى وجهها ذلك التعبير البشوش
بص هي حكاية غريبة شوية بس كان في فوج لطيف جاي من برا يزور البلد لما بابا وماما كان في رحلة للمعابد والآثار وكان فيهم بنت جميلة أوي اسمها بهاء طبعا اللي بيسمعه كان بيستغرب جدا منه وماما وقتها كانت حامل فيا ففكرت إنها لو خلفت بنت تسميني بالاسم ده وقد كان.
امتدحها فيما يشبه الغزل
وده من حظي علشان أتقابل معاكي والاسم يفضل معلق في ذاكرتي.
ابتسمت لتدليله لها وسألته في توجس لئلا تدع أي فرصة لرواسب الماضي غير الطيبة بالتأثير على علاقتهما
أوعى تكون شايل مني بسبب اللي حصل زمان.
رفع يده للأعلى ليمررها على رأسه معقبا
ولو إنه كان مقلب سخيف أوي بس المسامح كبير.
لوحت لها بيده لتودعه قبل أن تمسك بمقبض الباب وتفتحه
أشوفك على خير.
ناداها قبل أن تبتعد عنه
بهاء.
نظرت إليه مجددا وهي ترد
أيوه.
اعترف لها بصدق غير قابل للتشكيك فيه
هتوحشيني.
أشرقت ملامحها أكثر وهمهمت في ارتباك خجل
وإنت كمان.
أخبرها بعزم
هستنى لما تطلعي وأمشي.
وافقت على ذلك بترحاب
أوكي.
راقبها وهي تخطو على الرصيف بخطوات رشيقة لتتجه نحو مدخل بنايتها
انتظر لعدة دقائق ريثما يتأكد من صعودها للأعلى أمال رأسه للجانب ليتمكن من رؤيتها حينما أطلت من خلف نافذتها لوحت له بيدها لتودعه وعلى ثغرها ابتسامتها الندية فانتشى داخله 
مصيره أصبح في زمام غيره جراء فعلته السخيفة ومع ذلك فشل في الحصول على تسوية لمسألته لإعادة الأمور كما كانت عليها قبل هذا الاستبعاد المجحف وكأن في إقصائه مكسب للجميع. ما زاد الطين بلة تجاهل ميرا لكافة اتصالاته فاستشاط حنقا وڠضبا وكأن ذلك ينقصه اضطر أنس للاستعانة بهاتف أحد رفاقه لمكالمتها وأمام سيل إلحاحه أجابت على اتصاله متسائلة
مين بيتكلم
أتاها صوته الحانق مخترقا طبلة أذنها
يعني كان لازم أطلبك من رقم غريب علشان تردي عليا
هتفت في غير تصديق
أنس
صاح مؤكدا هويته
أيوه زفت.
ردت عليه ببرود مقتضب مبدية عدم استساغتها لاتصاله
خير
سألها مباشرة
برضوه ماشوفتيش حل
قالت مراوغة
ما أنا
قولتلك الموضوع مع بابا وآ...
لم يطق سماع مماطلتها الكاذبة فقاطعها في منتصف ادعائها مهددا
من الآخر كده قدامك يومين لو مخلصش الموضوع ده يبقى ما تزعليش من اللي هيحصل بعد كده.
اغتاظت من ذلك وتحدته بغير خوف
إنت بتهددني لأ فوق لنفسك ولو تقدر تعمل حاجة اعملها!
ظهرت الآن نواياها الخفية فقال معلنا قبوله لټهديدها المتبادل
حلو الكلام إنتي اللي اخترتي.
أنهى الاتصال معها ضاغطا على أسنانه لفظ سبابا نابيا في حقها في عصبية مضاعفة وتوعدها
مش دي اللي هتعلم عليا هخليها تيجي لحد عندي تقول حقي برقبتي.
.............................................
مجددا تلقى عبارات الثناء والتشجيع على ما يبذله من مجهودات كبيرة للارتقاء بمستوى الدارسين في الأكاديمية لهذا عاد عمر إلى مكتبه وهو في أوج تفاخره ليجد آخر من يتوقع في انتظاره. حل الوجوم على قسماته وتعامل برسمية بحتة مع أنس فسأله
خير عايز حاجة
نهض لمصافحته لكن عمر رفض يده الممدودة إليه فما كان منه إلا أن قال بتحرج
أنا صاحبك وجاي أطمن عليك وبالمرة أباركلك.
استمر على تجافيه المتعمد معه فأردف
شكرا وزي ما إنت شايف أنا مشغول.
عاد أنس ليجلس على المقعد المجاور لمكتبه وتابع
وأنا مش عايز أعطلك هو طلب وحيد منك...
تطلع إليه عمر بلا كلام فاستأنف أنس حديثه
عايزك تتدخل وتحل الخلاف اللي حاصل أنا اتأذيت جامد بسببه.
رد عليه بشيء من العجرفة
ده قرار القيادة مافيش في إيدي حاجة.
ألح عليه في تصميم
بس إنت بمعارفك وطريقتك تقدر تقنعهم وأنا أوعدك هظبطك.
لم يكترث قيد أنملة لأمره وعامله ببرود يستحقه
أعذرني يا أنس مش فاضيلك ورايا محاضرات تقدر تطلب قهوتك وتشربها براحتك هنا.
بدا وكأنه يطرده بتهذيب من غرفته خاصة حينما تحرك نحو الباب قائلا
عن إذنك.
هب أنس وافقا بمجرد أن غادر الغرفة ليكز على أسنانه مدمدما في إحباط ساخط
قفلت معايا زي الدومينو!
رغبته في الاڼتقام أعمت بصيرته ودفعته للتصرف بجموح في مسائل لا يمكن المزاح في شأنها مطلقا لذا تقابل مع أحد زملائه القدامى ممن تخصصوا في اختراق الشبكات العنكبوتية المعادية والتجسس على أصحابها لاستخراج أهم المعلومات منها. طلب أنس منه بلهجة جمعت بين الجدية والرجاء
معنديش غيرك يساعدني في الحوار ده.
أبدى رفيقه استعداده التام لمساعدته بقوله
إنت عارف لو في إيدي حاجة متأخرش عنك.
في غير تشكيك في قدراته امتدحه
ده سهل ولعبتك.
تساءل باهتمام ملحوظ
اشطا الكلام على إيه
ضغط أنس على أصابع يده المتكورة حتى ابيضت مفاصله واستطرد بغيظ بائن في نبرته
في واحدة عملت عليا فيلم خلتني أخد جزا فيه فأنا عايز أربيها وتبقى روحها في إيدي.
سكت رفيقه لبرهة كأنما يفكر في أمر ما ليفصح عن ذلك متسائلا
تحب ناخدها في سكة الآداب
في التو أخبره
يا ريت.
أمسك هاتفه المحمول الموضوع إلى جواره عبث فيه مستطردا بلهجة شبه آمره
هاتلي تفاصيل عنها.
بتحمس مريب أعطاه ما يريد قائلا
ده الأكاونت بتاعها وده كمان رقم موبايلها.
نقل البيانات الأساسية إليه ليضيف بعدها بثقة
عظي
هنجزلك الحوار وأبعتلك النتيجة.
لحظتها شعر أنس بالانتشاء وفرك كفيه معا معلقا بمدح
أنا قولت مافيش غيرك هيظبطني.
ابتسم رفيقه لثنائه عليه فتابع كنوع من التقدير له
الأكل عندي النهاردة.
قبل بعرضه دون جدال
حلو الكلام.
شعر بعدها أنس
تم نسخ الرابط