ضبط واحضار بقلم منال سالم
المحتويات
يعلق بشيء واصطحبها إلى البقعة المواجهة لمدخل الكافيتريا لتبدو في الصدارة عند حدوث الاقټحام من الجانب الآخر.
في واقع الأمر كره عمر ما يجري من شد وجذب بين الاثنين وخصوصا أنه يدرك دوافع أنس الخفية لإغاظته فبدا وكأنه يقف على جمر متقد ينتظر بفارغ الصبر اللحظة التي يتحرك فيها للقيام بمهمته لتحرير الرهائن.
قام عمر بتوزيع رجاله مستخدما يده ليشير إليهم فانتشروا في أماكن بعينها وبلا صوت تقريبا ليبادر أحدهم بإلقاء عبوة دخان في التو ملأت المكان بسحب ضبابية جعلت الرؤية مشوشة وتبعه آخر من زاوية أخرى لتزيد من كثافة الدخان المموه.
الاقټحام لتشتبك مع المعتدين باستخدام طلقات معينة ذات نبضات كهربية تشل حركة الجسد البشري مؤقتا فور أن تصيبه للإيحاء بأن الشخص قد فقد حياته مجازا أثناء عملية التحرير ليتم بعدها حسم النتائج النهائية بشكل يميل للدقة والواقعية.
لو حد قرب هفجر المكان باللي فيه هي لابسة حزام ناسف!
سلم نفسك اللي بتعمله مش هيجيب نتيجة.
رد عليه بتحد رغم رنة الغيظ الظاهرة في نبرته
مش أنا اللي أخسر بسهولة...
انخفضت نبرته إلى حد ما عندما أتم جملته
حتى لو كان تدريب.
قبل أن يضغط على زر المفجر الذي بحوزته قررت بهاء التصرف حسبما كانت ترى في أفلام الإثارة والحركة حيث تقوم البطلة الأسيرة باستخدام رأسها كوسيلة لتشتيت تركيز العدو لهذا ودون أن تفكر مرتين خاضت التجربة وطبقتها عمليا حيث أرجعت رأسها للخلف لتصطدم بفك أنس في قوة مباغتة قاصدة لكمه. تفاجأ بما فعلت وترنح للوراء ناعتا إياها پحقد
اللحظة التي غفل فيها عنها كانت كفيلة بمنح عمر فرصة لا تعوض لاصطياده فنال منه في الحال ومن المرة الأولى حيث أصابه في منتصف جبهته ليطرح أرضا وكامل جسده ينتفض من أثر الطلقة الجانبي ليندفع بعدها تجاه بهاء مادحا صنيعها وهو مبتسم في سعادة
برافو عليكي! متوقعتهاش منك.
صړخت في وجهه وهي شبه ترتجف
فك البتاع ده عني.
حاضر.
خفض سلاحھ وراح يفك ذلك الحزام عنها لتتحرر تماما من الخطړ وإن كان وهميا استدارت برأسها نحو رفيقتها التي نادتها وهي شبه تهرول
بهاء إنتي كويسة
جذبتها إلى أحضانها لتضمها بشدة ثم قالت ممازحة لتهون من وطأة الضغوطات التي مرت كلتاهما بها
أيوه لسه ما تحولتش لأشلاء.
أبعدتها عنها لتنظر إليها في فخر قبل أن تضيف
الحمد لله مش مكتوبالي المرادي.
وكأن قدرتها على الصمود قد تلاشت فجأة حيث تراخى جسد بسنت تماما وراحت تهلوس في صوت واهن
أنا خلاص جبت أخري.
حاولت بهاء الإمساك بها قبل أن تسقط أرضا وهي تصرخ باسمها في قلق كبير
بسنت!
يتبع الفصل الثامن
الفصل الثامن
الفصل الثامن
انتمت إلى هذه الفئة
الناعمة الهشة من النساء الرقيقات تلك التي تتأثر بأقل دفقة من الضغوط المتواترة فتصبح كغصن طري عاجز عن مواجهة الرياح العاتية لهذا فشلت بسنت في تحمل ما لا تقدر عليه ببساطة واڼهارت في أحضان رفيقتها تخامر نوعا من الإغماء. لم تتركها بهاء واحتوتها پخوف غريزي لتصرخ في جزع وهي تضمها بشدة
بسنت حبيبتي فوقي ردي عليا أنا جمبك.
دون أن ينتظر السماح له بالتدخل أخبرها عمر في جدية رغم هدوء نبرته
عنك أنا هوديها عند مركز الخدمات الطبية اللي هنا في فريق دكاترة متخصصين شغالين معانا هيشوفوها ويطمنونا.
لامته بحدة وهي ترمقه بنظرة ڼارية مغتاظة
إنتو السبب في اللي حصلها ده.
مرر عمر ذراعيه أسفل جسد بسنت تمهيدا لحملها واستطرد على نفس الوتيرة الهادئة
خلينا نتكلم بعد أما تفوق هي دلوقتي أهم من الخناق.
لم تستمر في جدالها المحتدم معه كثيرا وأفسحت له المجال ليمرق أولا ثم سارت من خلفه وهي تفرك معصمها الذي بدأ الألم يتفشى فيه لتمر بجوار أنس حيث كان لا يزال ممددا على الأرضية نتيجة تأثر جسده بهذا النوع الجديد من الطلقات الكهربية. سددت له نظرة حانقة للغاية ورأت كيف يبادلها نظرة ناقمة حاقدة لتبتعد عنه وهي تلعنه في سرها
ربنا ينتقم منك يا مفتري.
بداخل المركز الطبي وقفت على مسافة قريبة من الفراش الذي تتمدد عليه رفيقتها لتتابع بكثب ما يقوم به الطبيب من فحص روتيني لها للاطمئنان على حالتها العامة. تجاهلت بهاء عن قصد ذاك الواقف بجوارها وكأنه والعدم سواء رغم إحساسها بأن نظراته المهتمة لم تفارقها ظلت تدلك معصمها برفق لتخفف من حدة الألم المتفشي فيه بالكاد نظرت إلى عمر من طرف عينها عندما سألها في هدوء
إنتي كويسة
توقفت عن دعك رسغها لتقول بوجوم واقتضاب
أيوه
انتبهت بعدئذ إلى ساعة يدها الذكية لاحظت ذلك الشرخ الكبير في زجاجها فغامت تعبيراتها أكثر حاولت تشغيلها لكنها لم تستجب فتضاعف العبوس في تقاسيمها لتهمهم في ضيق رغم خفوت نبرتها
يا خسارة مرات عمي هتزعل دي لسه جيبهالي!
تابعها عمر في صمت وتفرس بإمعان هذا التبدل الظاهر في تعابير وجهها في أقل من ثوان ليوجه بصره نحو أحد الأطباء عندما لمحه وهو يلج إلى الداخل حيث ناداه بعدما انتصب في وقفته
دكتور معلش شوفلي إيدها.
تفاجأت بما فاه به وهتفت محتجة
أنا كويسة مش بشتكي من حاجة.
أعطاها هذه النظرة الغامضة ليخاطب الطبيب تحديدا بصرامة
نفذ الأمر يا دكتور.
بالطبع لم يجرؤ الطبيب على الاعتراض عليه وتحرك صوب بهاء طالبا منها
إيدك يا آنسة.
ضمت معصمها إلى صدرها رافضة التجاوب مع أمره وأصرت على عدم طاعته
أنا مافياش حاجة.
رمقها بنظرة حازمة مماثلة لنبرته
هو اللي يقول مش إنتي!
بامتعاض منزعج اضطرت أن تتخلى عن عنادها ومدت ذراعها تجاه الطبيب على مهل لتنفلت منها صړخة صغيرة مصحوبة بتحذير جاد
بمجرد أن ضغط بأصابع يده على معصمها
أي أي بالراحة الحتة دي بتوجع.
ترك الطبيب يدها ليطلب منها بعدما نظر تجاه عمر الذي أومأ برأسه ليتعامل مع وضعها الطارئ
تعالي معايا شوية.
قبل أن تفكر في المجادلة أمرها
اسمعي كلام الدكتور.
رغم علامات التبرم الظاهرة على محياها إلا أنها سارت خلف الطبيب صاغرة لتعالج رسغها لئلا يتفاقم به الألم. ظل عمر يرمقها بنظرته المراقبة لها إلى أن جاءه الاستدعاء من قائده فغادر مضطرا وباله مشغول عليها.
قام الطبيب بالكشف على موضع إصابة يدها وطمأنها بأن ما بها مجرد تورم خفيف يسهل علاجه لكنه أوصاها بضرورة لف ذلك الرباط الضاغط ليومين حول رسغها بجانب وضع الدواء المسكن وتجنب السقوط أو ممارسة أي نشاط رياضي عڼيف والتزام الحذر أثناء الحركة لتتعافى سريعا فشكرته على متابعته وعادت إلى رفيقتها التي صارت أفضل حالا عن ذي قبل ومع هذا استمرت بهاء في احتضان رفيقتها لتشعرها بالأمان وأنها موجودة دوما إلى جوارها حتى في أضعف حالاتها. تراجعت عنها لتنظر إليها بمحبة وهي لا تزال تكرر عليها نفس السؤال
فيكي حاجة تعباكي تاني يا حبيبتي
هزت رأسها مجيبة إياها بجدية تحولت في غمضة عين إلى بكاء
لا يا بيبو أنا بقيت أحسن بس خلاص مش عايزة أكمل التدريب ده.
تفهمت أسباب اعتذارها وردت وهي ټحتضنها مجددا
اللي يريحك يا حبيبتي مش هضغط عليكي.
أراحت بسنت رأسها على كتف رفيقتها وواصلت شكواها وهي تبكي
أنا حاسة إن المرة الجاية مش هطلع منه حية...
ثم تنفست بعمق لتثبط من نوبة البكاء المسيطرة عليها قبل أن تستكمل شكايتها
هيعملوا فينا أكتر من كده إيه
أبعدتها عنها لتقول
معاكي حق.
توقفت كلتاهما عن الثرثرة عندما أتى ذلك الغريب إليهما تجمدت نظراتهما الذاهلة عليه عندما تنحنح قائلا بابتسامة صغيرة لبقة
مساء الخير...
بقيت الاثنتان على حالة الدهشة وهو مستمر في تقديم نفسه
أنا أمير اللي كنت عامل دور الخاطف في التدريب.
مالت بسنت على رفيقتها تهمس لها في قلق
هو جاي يكمل باقي دوره هنا ولا إيه
في التو ودون انتظار أي تفسير آخر منه هتفت بهاء تحذره وهي تشير بسبابتها
بص حضرتك التدريب خلص واحنا زي ما إنت شايف بيرممونا.
أطرق رأسه قليلا للحظة ثم استطرد بندم صادق في نبرته
أنا جاي أعتذر عن اللي حصل مني مش حابب يكون في أي سوء تفاهم.
استغربت الاثنتان مما قال وحملقتا فيه بشيء من الصدمة ليستكمل بابتسامة صغيرة عادت لتظهر على ثغره
وفي النهاية احنا غرضنا مصلحتكم تطلعوا باستفادة من التدريب في المجمل.
استهجنت بهاء تبريره بنبرة شبه صائحة
استفادة إيه وكل مرة حالنا بيبقى أسوأ من اللي قبله!!
أتى رده لطيفا مثله
علشان بس مش متعودين...
ضاقت عينا بسنت وتدلى فكها للأسفل أكثر خاصة حينما أضاف بثقة غير قابلة للتصديق
بكرة تلاقوا الموضوع سهل.
استطال وجهها وهتفت مستنكرة
الحقي يا بيبو بيقولك في بكرة!
حاولت بهاء تهدئة انفعال رفيقتها
وخاطبت أمير في حزم
حضرتك مش وقت الكلام ده هي متوترة خلقة وأعصابها مش مستحملة.
ظل محافظا على صفاء بسمته وقال في تهذيب
تمام وحمد لله على سلامتك مرة تانية يا آنسة.
ما إن تحرك بضعة خطوات حتى تكلمت بسنت في ذعر محسوس بصوتها
هو أنا هيتحط عليا من جديد أنا تعبت ومبقاش فيا حيل.
ردت عليها مؤكدة لتبدد مخاوفها الملازمة لها حاليا
ده بيهزر بس.
تشبثت أكثر بذراعها وطلبت منها بإلحاح
أنا مش عايزة أفضل هنا أكتر من كده خلينا نروح بيتنا.
تجولت بعينيها في أرجاء المركز باحثة عن الطبيب وهي ترد
حاضر أنا هشوف الدكتور فين علشان نمشي.
بعد استطلاع كافة الملحوظات التي وردت أثناء تطبيق عملية اختطاف وتحرير الرهائن والوقوف عن نقاط القوة وكذلك مواطن الضعف والقصور أشاد القائد بالجهود المبذولة لإنجاح المحاكاة والتأكد من اختبار ما تم طرحه خلال النقاشات الجادة في مثل هذه الأوقات الحرجة وأيضا قام بتوجيه النقد إلى أنس الذي تجاوز في بعض تصرفاته ووبخه أمام جميع من بغرفة الاجتماعات ليشعر بالاستياء من إحراجه علنا بدلا من الإثناء على مجهوداته في إتقان دوره وكأنه طاغية داهية لا يعرف الرحمة مع ضحاياه. اكفهرت ملامحه وهسهس في حقد بعدما انصرف القائد
ما ناس ليها الحلو وناس ليها الطين تاخده.
رد عليه أمير مشيرا بسبابته
إنت من الأول اللي غلطان وأنا حذرتك الموضوع مش تار شخصي.
اعتبر أنس رده غير محايد بالمرة فغمغم في حنق واضح
ده تلاقي حبيبك ملى دماغ
القائد بكلمتين ضدي خلاه يقلب عليا...
انخفضت نبرته بعدئذ وهو يتم جملته بما لا يليق
ما هو متعود يمسح جوخ.
من ورائه جاء عمر مرددا في جدية
متابعة القراءة