ميراث الندم بقلم أمل نصر
المحتويات
الاريكة لينهض بالتبعية هو منتبها لها فقالت بارتباك
انا جولت اتفرج معاك بصراحة مش جايني نوم
براحتك طبعا
رايحة فين مش جولتي عايزة تتفرجي
تلجلجت بأنفاس متلاحقة تجيبه
في اليوم التالي
استيقظت من نومها في الصباح الباكر على اثر لمسات ومداعبات لم تتوقف سوى بعدما يأست من توقفه لتزوم بحنق
يوووه حرام عليك بجى عايزة انام
اصحى بجى هجعد اليوم كله اصحي فيكي
اجبرها بصيحته لأن تفتح أجفانها تبصره بغيظ شديد مرددة
طب وتصحيني ليه والشمس لسة محطتش نورها ع الأرض انت لحجت امتى تنام اساسا عشان تصحى
تبسم مرددا خلفها بتساؤل واندهاش
وانتي ايه عرفك ان الشمس لسة محطش نورها دا انتي فتحتي عينك بالعافية تشوفي خلجتي والطلعة البهية
مش محتاجة زكاوة شمس الصبحية اول ما بتنزل بتنشر ضيها على جزاز البلكون المجفول وبتنور الأوضة
توقفت ولم تجد منه ردا مما جعلها تضطر لفتح أجفانها مرة أخرى ورؤيته ولكنها تفاجأت بأنظاره التي كانت منصبة على أسفل رقبتها لتستدرك انحصار الغطاء عنها وهذه البرودة الطفيفة التي كانت تشعر بها على بشرتها لتعرف سببها الان فقط
عايز ايه يا عارف
قابل صيحتها بالضحك ساخرا حتى ڠضبت بالفعل لتعطيه ظهرها مما جعله يلطف كي يهادنها
انتي زعلتي
ايوة زعلت عشان انا دماغي تجيلة اصلا من جلة النوم وانت صاحي فايج وبتغلس كمان طب استني على ما الجسم ياخد كفايته في النوم
يعني الجسم ياخد كفايته في النوم واليوم يروح علينا ولا انت عايزانا نسافر المسا
الټفت له عاقدة حاجبيها لتسأله باستفهام
سفر ايه يا عارف مين اللي جال ان احنا مسافرين اصلا وايه السبب
كانت هيئتها توحي بالغباء التام ولكنها كانت شهية بشكل موجع حتى جعلته يتوقف متأملا لها بصمت دام لحظات يشبع عينيه من رؤيتها كي يصدق ان الحلم اصبح حقيقة وان ما يراه الان ليس دربا من وهم صنعه عقله المړيض بعشقها
خرج صوتها ليفقه من سكرته ولتجبره على الرد مفندا كل سؤال بإجابته
مين اللي جال ان احنا مسافرين انا اللي جولت
وعن المكان المقصود السفر ليه فدا مفاجأة انا محضراهالك
كدة بجى مدام فوجتي وصحيتي لحبيبك اجدر اصبح براحتي عشان تجومي وتتشطري تفطري وتجهزي نفسك صباح الفل يا عروستي صباحية مباركة
يا حبيب ستك يا غالي كبرت يا واد كدة في كام شهر وبجيت راجل
ضحكت نادية باضطراب تردد خلفها بما يشبه السخرية
بجى راجل كمان! جولها الله يحظك يا ستي بوس على يدها يا معتز مدام هي شيفاك كبرت صح
سمع منها صغيرها ليزعن بطاعة وحركات مسرحية أثارت الضحكات على افواه الثلاث نساء هي وسکينة وجدته سليمة التي لم تكن في حالتها الطبيعية على الإطلاق للترحيب بهم جيدا حتى سألتها بفضول بعدما ابتعدتا قليلا عن المرأة العجوز
ليه حساكي مش مبسوطة بجيتنا هو انتي زعلانة من حاجة
اجابتها على الفور وبدون مواربة
ايوة زعلانة يا نادية ايه اللي خلاكي تيجي من غير ما تديني خبر
اكتنفها حرج شديد فلم تكن هذه الإجابة التي تتوقعها على الإطلاق حتى دافعت مبررة
جيت فجأة عشان اشتاجتلك واشتاجت لجدتي سکينة اللي ھتموت من الفرحة دلوك عشان شافت معتز انتي كمان موحشكيش
ردت سليمة بحدة ولم
تأبه
لاه يا نادية موحشنيش عشان انا كل يوم بكلمه فيديو لو تفتكري وبخلي سته سکينة كمان تشوفه في التلفون وتكلمه دا غير ان باجي بنفسي اشوفه كل اسبوع
هذه المرة شكل رد المرأة لها صدمة بالفعل حتى اطرقت رأسها تود الفرار من مكان غير مرحب بوجودها فيه يبدوا ان سليمة قد فهمت عليها فتابعت موضحة لها
يا بتي افهميني
وبلاش تتصرفي بطيبتك دي انا ليا اسبابي اللي تخليني امنعك من الجية هنا زي ما بيدي انا ماشيتك من هنا انا مطمنة عليكي انتي والود هناك تبعيني وريحي جلبي
واجهتها سائلة
اتبعك في ايه طيب اكتر من كدة ما انا بنفذ كل اللي بتجولي عليه جات يعني على زيارة النهاردة ما البيت هادي اها لا عيسى ولا سند ولا حتى عماتي جاعدين
وانتي شايفة المشكلة في دول وبس
طالعتها باستفهام سائلة
امال في إيه تاني كمان
ابتسامة جانبية ساخرة ارتسمت على ثغر سليمة خالية من أي مرح بغموض غلف صفحة وجهها زاد من حيرة الأخرى وقد يأست من الرد على سؤالها لتجفل على تبدل ملامحها بحدة تطل من عينيها نحو هذا الذي دلف اليهم
مسالخير يا جدة ما شاء الله دا معتز باشا مشرف النهاردة كمان
ردت سکينة بفرح غامر
شوفت يا مالك الباشا نور بيته النهاردة مع امه كمان
سمع منها وانتقلت عينيه نحو الكنبة التي جلست عليها الاثنتان
ايوة ما انا خدت بالي اها ازيك يا نادية دا فعلا البيت رجع ينور بوجودكم انتي سبتيه ليه بس
ردت بسذاجة غافلة عن امتقاع وجه الأخرى بجوارها
الله يبارك فيك يا مالك انا نفسي والله ارجع لشجتي من تاني بس الظروف بجى
ظروف ايه
سألها فردت سليمة تسبقها
ظروف شخصية أخوها هو منعها من الجية هنا مش عايزاها تبجى طرف في اي مشكلة ما انت عارف العرايك هنا في البيت مبتخلصش
عرايك ايه تاني
همست بها سائلة قبل ان تزجرها سليمة بنظرة غاضبة اخرصتها متمتمة بصوت بالكاد خرج من بين شفاهاها
اسكتي خلاص متكلميش تاني
ابتلعت تنصاع للأمر وشعور بعدم الارتياح يستبد بها توتر في الاجواء لا تعلم سببا وجيها له المرأة التي تعدها بمثابة والدتها تصدمها اليوم بتعاملها الجاف معها ثم هيئتها الان وقد صرفت نفسها عن الانتباه لها لتركز مع هذا الفتى شقيق زوجها الراحل والذي صار يداعب صغيرها في حجر جدته وكأنها تراقبه وتترصد أفعاله لا تدري لما هذا الارتياب
ومن جانبها سليمة فهي لم تكن غافلة عن نظرات التساؤل والحيرة التي ترمقها بها تستجدي منها استفسارا لن تبوح به ابدا وعقلها مشتت مع هذا الفتي تعود بذاكراتها لمساء اليوم السابق
حينما استيقظت في الثانية صباحا على صوت المنبه الذي تفعله يوميا من اجل قيام الليل وقراءة القرآن حتى تلحق بصلاة الفجر
فضلت سليمة قبل القيام بكل ذلك ان تهبط الطابق السفلي من أجل الاطمئنان على زوجة عمها سکينة اولا فهذا الأمر تفعله منذ مرض المرأة ورحيل ابناءها واولادهم للبلاد التي يقطنون بها
بخطواتها الرزينة مرت بالطرقة التي تؤدي الى غرفة نومها ولكنها وقبل ان تصل الى هناك شعرت بصوت حركة بالكاد تصدر من داخل غرفة المكتب الخاصة بعمها الراحل حتى توقفت تنصت قليلا لربما كانت قطة بالداخل ولكن مع تذكرها لغلق جميع النوافذ بالإضافة لهذا الباب الذي تقف بجانبه زاد التوجس داخلها لتسرع على الفور تتناول المفتاح الذي تعلم مكانه جيدا كي تفتح وترى ما يحدث ولكن وبمجرد وضعه بغلق الباب على صوت كركبة وبعدها صوت أعلى لم تعلم مصدره سوى عندما دلفت الغرفة لتفاجأ بالنافذة المفتوحة على مصراعيها
ركضت تنظر منها للخارج ولكنها لم ترى شيئا على الإطلاق بحثت بعيناها يمينا ويسارا ولم تجد شيئا حتى عادت تتأمل المحتويات القديمة المهجورة وقد تأكدت لأثر العبث ببعض الاشياء التي تحركت من مكانها وصل صوت نباح احد الكلاب في الشارع لتركض نحو النافذة مرة أخرى فترى شبح الجسد النحيف قبل ان يختفي في الشارع الاخر ولكنها عرفته عرفته من ظهره ومع ذلك لن تخبر احد تشعر بقرب اكتشاف الحقيقية لقد اقترب الوقت
يتبع
الفصل الثلاثون
راجع من فين يا غالي
هتف سائلا له فور ان حطت قدميه داخل المنزل عائدا من الخارج ليرمقه الاخر باندهاش لم يخلو من الاستنكار برده
ومن امتى السؤال وايه لازمته اساسا وانا راجع على بداية المسا متأخرتش يعني
صاح فايز يستقبله بسخطه مرددا
متأخرتش يا حبيبي بس انت اساسا بجيت مش مفهوم عامل زي الديب الصحراوي بتلف وتدور ولا حد عارفلك مركز ياد رايح جاي على بيت جدك ليه ايه ليك هناك عشان تتحفهم يوماتي بطلتك البهية
ليا جدتي
تمتم بها بثبات ليتخطاه بعدم اكتراث حتى جلس بأريحية على الاريكة يجيبه بمراواغة واضحة
بروح أطل على جدتي الغالية لتكون عايزة حاجة ولا محتاجة أي شي هي صلة الرحم بجيت حاجة عفشة دلوكت يا بوي
صاح فايز بانفعال جعله بميل
برقبته نحوه
اطلع من دول ياد هو انت من امتى ليك في الحنية ولا تعرف جدتك من اصله عشان تراعيها وتراعي طلباتها فاكرني مش فاهمك ولا عارف باللي بيدور في مخك
ايه هو بجى اللي بيدور في مخه جول ونورنا
هتفت بها زوجته والتي اتت على أصوات الشجار لتدلي بدلوها هي الأخرى وتواجهه بڠضبها المكتوم فهي أيضا ليست بالغافلة عما يدور برأسه الان
سكت ليه ما ترد يا فايز
ارد اجول ايه يا بت انت ايه دخلك اصلا في الكلام واحد بيستفسر من ولده ايش دخلك انتي ولا هي جلة ادب وخلاص منك
عضت على نواجزها تكبح لسانها بصعوبة عن الرد بما يليق به تفضحه امام نفسه بعدما نفض يداه من معظم المصروفات يدفع بالكاد لطعامهم والملتزمات الأساسية للمنزل اما تحتاجه هي من اشياء جديدة كما كانت معتادة فقد اصبح من المستحيلات واقساط القديم يعذبها حتى يمن عليها بهم
لا مش جلة أدب يا غالي انا برد الرد الطبيعي على شندلتك للواد واحد بيزور جدته انت زعلان ليه
بشرار انظارها الحادة صارت تواجه چحيم عينيه في حديث مشتعل يحمل العديد من الرسائل المتبادلة بينهما امام هدوء يثير الحيرة من ابنهم المتابع الحړب الباردة بينهما بدقة حتى خرج رده
معلش ياما هو يمكن فاهم غلط ولا فاكرني لسة عيل صغير على الأصول لكن انا عايز اطمنك يا بوي انا بروح بس اطمن على جدتي اصلها مسكينة بتتعب كتير وعمتي سليمة يدوب كلامي معاها على كد السؤال
تهكم فايز يردد خلفه بغيظ
عمتك سليمة! مرة ابوك خليتها عمتك يا مخبل
تبسم مالك ينهض عن مقعده ليضيف عليه ببرود قبل ان يتحرك ذاهبا نحو غرفته
وه يا بوي يعني هندهلها واجولها ايه بس
ما هو انا فعلا شايفها زي عمتي هوايدا ونعيمه
شايفها زي عمتك خيبة تاخدك يا خوي
غمغم بها فايز بغيظ لا يخفيه أمام ابصار زوجته والتي تراقب ردود أفعاله بتركيز شديد
باستهزاء جلي وقفت تتأملها وهي تحاول بالملقط نتف الشعيرات الزائدة من حاجبيها بغرض تزينهم بما يرضيها كامرأة متزوجة شعرت بها لترى انعكاس صورتها في المراة التي تمسكها بيدها تضحك بوسع فمها لتعلق باستهزاء
بتعملي ايه يا خايبة
عبست عزيزة تشيح بوجهها للناحية الأخرى بإحباط متعاظم تعبر عنه
يا بوي
متابعة القراءة