مذاق العشق لسلمى المصري

موقع أيام نيوز

بالعالم بمن فيه 
يشعر أنه أصبح يحيا خارج حقبة الزمن فما حدث جعله يقدم على تصفية كل أعماله في مصر ولم ينتظر حتى ينهي ذلك بل وكل الأمر لمحام ذو ثقة كأنه لم يعد يحتمل البقاء أكثر في حصار ماحدث 
لم تمنعه حالة ابن عمه المتأخرة ليؤجل سفره ريثما يطمأن عليه بل أنه يشعر أنها أشبه برحلة فرار يخشى عدم اللحاق بها 
لم يعد يملك من الجرأة ما يكفي لمواجهتهم بعد كل ماحدث 
وبعد ساعات كان بالفعل يحلق بعيدا الى وطن اخر او قدر اخر اختلف المسمى وبقيت الحقيقة 
هي رحلة فرار ليس أكثر 
بكت في حړقة ظنت انها نضجت بما يكفي لتجاوزها 
أخذت تجيء وتذهب في غرفتها بلاهدف تحاول المقاومة 
تجاهد السقوط في هوة ضياع لم تلبث ان ابتعدت عن خطورته 
كيف انقلبت الأمور هكذا 
كيف انتهى كل شىء بعد أن كاد أن يبدأ 
رحل بعيدا 
فعلها ولم يثنه شىء 
صډمته كانت أكبر من أي شيء حتى عشقه لها 
عن أي عشق تتحدث 
عشق رفض الغفران 
عشق لم يثنه عن الفراق 
هو ليس عشق ابدا عليها أن تنتزع نفسها من براثن هذا الوهم 
وقفت أمام المراة للحظات تطالع وجهها الشاحب 
مررت كفها على ملامحها المنهكة 
تساءلت في دهشة عن تلك الفتاة التي كانت تقف من قبل بابتسامة تسع الكون بمن فيه 
بعقل لايسع سوى التفاهات والتراهات 
بقلب يسعد لأي شيء ويجتاز حزنه على أهون سبب 
ليتها ما نضجت 
ليتها ظلت تلك المراهقة الساذجة عمرها بأكمله 
قطع تأملها دلوف زين الى غرفتها 
مسحت عبرتها سريعا وهي تشيح بوجهها للاتجاه الاخر 
تنهد زين في عمق وهو يتأملها للحظات قبل أن يسألها 
الدموع دي عشان يوسف ولا عشان حسام 
زمرت شفتيها بقوة قبل أن تلتفت اليه تجيب تساؤله بتساؤل مماثل 
احنا ايه اللي جرالنا يا زين كل ده ازاي يحصلنا العيب في مين بالظبط في سمر ولا فينا 
وضع يديه في جيب سترته وهو يجيبها في ألم 
محدش فينا بيستحمل يشيل الذنب فكل واحد بيرمي على غيره 
واصلت وكأنها لم تسمع رده 
تفتكر انا استاهل ده كله منه تفتكر اني غلطتي كانت بالبشاعة دي يا زين تفتكر هوا محبنيش من اصله مين فينا ظلم التاني يا زين 
اقترب خطوتين ليمسك بكتفيها في رفق 
حسام الله اعلم بحالته يا ايتن اللي عرفه عن ابوه وامه مش هين مش هيقدر يواجه حد على الاقل دلوقتي حسام بقى انسان تاني او هيبقى انسان تاني التجربة دي صعب انه يرجع منها زي الاول 
همست في حړقة 
وانا 
ربت على شعرها في حنان 
انتي لازم تعيشي يا ايتن لازم تحاولي تتجاوزي وجوده 
ضيقت عينيها وهي تميل اليه 
وانت بعد خمس سنين قدرت تنسى صوفيا ليه بتحاول تقنعني باللي انت مقدرتش عليه 
احتضن وجهها بين كفيه في حب 
عشان مش عاوزك تعيشي ولا تمري باللي مريت بيه ايتن حسام دلوقتي الصدمة توهته والله اعلم هيرجع منها امتى الانتظار صدقيني صعب البعد بېقتل حاجات كتير لما بعدت عن صوفيا رجعت لقتها انسانة تانية وحسام لو في يوم قرر يرجع فبرضه هيلاقيكي بقيتي حد تاني مش بمزاجك بس كل حاجة هتجبرك انك تتغيري 
سالت دمعة من عينها فمسحها باصبعه وهو يباشر 
لو حبك بجد هيرجع يا ايتن مجرد ما يفوق هيرجع صدقيني 
ارتمت على صدره وهي تجهش بالبكاء 
انا خاېفة يا زين ارجوك ما تسبنيش خاېفة من كل حاجة جاية خاېفة نخسر يوسف وخاېفة اكون لوحدي 
احتواها في رفق ليطمأنها 
وانا من امتى سيبتك يا ايتن يمكن لما كنت بتعصب وبنفعل عليكي ده كان بيبقى خوف عليكي انتي اختي الصغيرة وهتفضلي طول عمرك حتة من قلبي ويوسف لازم ندعيله ليل نهار غيابه مبقاش مخلي لاي حاجة في عيلة البدري طعم 
فى اليوم التالى كانت ايلينا الى جوار زين فى المشفى بعد ان اقنعا محمود وايتن بالعودة الى المنزل وزعت ايلينا وقتها بين العمل والمشفى بينما عاد زين لادارة المجموعة نظرا لظروف غياب اخيه 
امسكت بصدرها فجأة تقاوم نبضاته الموجعة من جديد نهضت من مكانها بسرعة فهى تعلم جيدا ما اصبحت تعنيه تلك النبضات 
وقفت امام النافذة الزجاجية لغرفة العناية المركزة تراقبه عن بعد ونظرت الى جهاز رسام القلب لتجده يعمل بانتظام 
فتحت ثغرها بشدة حين رأته يفتح عينيه فى بطء فجذبت زين من ذراعه دون ان تدرى ماذا تفعل وهى تهتف 
يوسف فاق 
انتفض زين بسرعة وتبعها للداخل 
ضړبت الجرس ليحضر
ايا من الاطباء مالت اليه تتمتم بصوت دامع 
حمد لله على سلامتك
يا يوسف 
رد بعينين نصف مفتوحتين وصوت متحشرج 
انا بمۏت ايلينا حاسس ان روحى بتطلع 
شهقت وهى تقول فى ذعر 
اوعى تقول كدة انت هتعيش يا يوسف هتعيش وهترجعلى ومش هسيبك تانى لاخر العمر 
واقتربت من جبهته وقبلتها لتواصل 
انا بحبك يا يوسف بحبك سامعنى قاوم وارجعلى 
اغلق عينيه وفتحهما من جديد وهو يقول 
ابنى ادم زين ادم لازم يرجع ومحدش غير ايلينا هيربيه سامعنى 
همست بصوت باك فهى لاتتحمل ان تراه هكذا يرثى نفسه ويعطى وصاياه الاخيره 
لن تحتمل ان يحتضر بين يديها هكذا فاطلقت اهة حارة 
ابنك هيرجع يا يوسف وهنربيه سوا بس انت قاوم 
رد فى ضعف 
كان نفسى يكون منك انتى سامحينى حبيبتى 
هتفت به دون ادنى مراعاة لاى شىء 
لا اوعى تسبنى اوعى تتخلى عنى تانى قوم يا يوسف قوم وهنربى ادم سوا وهنجبله كمان اخوات قوم 
اخذت تقبل كفه فى جنون بينما لمحت نظرة فى عينه تجمعها مع زين فهل يعنى يوسف ان 
هل بالفعل تلك هى النهاية 
هزت رأسها فى قوة وهى تشعر بأنفاسه تضعف تدريجيا فصړخت به من جديد 
يوسف لا 
وقطع صوتها صوت جهاز رسام القلب الذى اعلن توقف قلبه عن النبض مع تزايد ضربات قلبها المؤلمة فصړخت اااااااه 
ونظرت الى زين الذى اصابه الهلع وهى تتعلق بذراعه وتواصل الصړاخ 
حد يلحقنا 
وقبل ان تتم جملتها كان هناك طبيب ومعه ممرضة تبعته فى سرعة وقبل ان تدخل كانت قد اصطدمت بمحمود وايتن ولكنها لم تسمح لهما بالدخول ولم يكن هناك متسع من الوقت للتعامل مع ايلينا وزين بنفس الطريقة كانت الاولى تبكى وهى تتوسل يوسف ان يقاوم من اجلها بينما رفع الثاني نظره الى السماء ودموعه تنهمر وهو يضمها دون ان يعى احدهما ما يفعلانه فالمشاعر تعجز عن وصف ما يمران به الان كل منهما يسترجع ذكرياته الخاصة مع يوسف 
رهبة المۏت الذى اصبح يدركه جيدا والطبيب يحاول معه مرة بعد مرة دون جدوى بينما تصرخ فيه ايلينا ان يستمر فى المحاولة وهى تواصل صړاخها بيوسف 
انت وعدتنى متخليش بوعدك 
وانتهى كل شىء مع صړخة طويلة لها وصلت الى اذان محمود وايتن بل كل من فى المشفى فى الخارج سقطت ايتن ارضا لا تصدق ان اخاها وسندها ومثلها الاعلى قد 
خرج الطبيب من غرفة يوسف وخلفه الممرضة ليتقابل مع نظرة محمود التى تريد منه اى امل فأخفض رأسه قائلا كلمة واحدة لا تحتمل المزيد 
كلمة تعنى ان يوسف البدرى لم يعد لاسمه مكان على هذه الأرض 
تعنى ان انفاسه لن تشاركهم الحياة بعد اليوم 
تعنى ان فاجعة المۏت قد حلت بقرة عين عائلة البدرى كلمة واحدة كانت كافية 
البقاء لله 
يتبع
الفصل الخامس والثلاثون
كټفت ذراعيها امام النافذة الزجاجية الضخمة تتأمل حديقة منزل زياد وهى تفكر فى كل ما حدث 
مر شهر كامل منذ وصولها الى باريس بعد ان اتخذت قرارها باستعادة ادم من جينا وبأى ثمن 
سافرت الى هناك مباشرة دون ان تعرف حتى من أين تبدأ 
كل ما خططت له ان جينا حين تعلم بخبر ۏفاة يوسف وان ماله بأكمله انتقل الى ولده ادم واليها ستظهر وتعود بالطفل ووقتها هناك ألف حل 
رفضت ان يرافقها احد فى هذه الرحلة فقد خشيت من مراقبة تلك الأفعى فربما لازالت تستخدم احد الخدم فى قصر البدرى كجاسوس لها 
استعانت بفارس قبل السفر لتغادر بجواز سفر ليس باسمها 
أعدت العدة لكل شىء فهى لا تريد ثغرة واحدة تنفذ منها جينا لتعرف ما تخططه لها وحين وصلت الى باريس كان فى انتظارها صوفيا وزياد الطبيب المعالج لها وصديق العائلة منذ زمن 
استقبلتهما زوجته دارين فى حفاوة واجتمع الكل فى بيته لتخبرهم بما خططت له
طبعا كلكو عارفين انى محتاجة مساعدة منكو كلكو عشان نقدر نوصل لجينا ومنها لادم احنا هنحاول نستعين بمحقق خاص عشان يقدر يوصل لمكانها وهنديله اللى هوا عاوزه كله وبعدها هنفكر نعمل ايه 
وبالفعل بمساعدة المحقق تمكنو من العثور على جينا ولكن الطفل لم يكن برفقتها فكانت الخطوة التالية التى قام بها زياد وهو تقمص دور احد المحاميين الخاصين بيوسف ليذهب اليها ويقنعها ان تستلم ميراثها وميراث ولدها ادم بصفتها الواصى القانونى عليه 
اخبرته ايلينا كيف يتقن دوره جيدا وكيف يغريها بثروة يوسف الطائلة التى ستصبح تحت قدميها بمجرد عودتها الى مصر وهى الان تنتتظره لتعرف هل نجح فى مهمته ام لا 
ايلينا ايلينا 
انتبهت على صوت صوفيا الناعم التى ابتسمت لها مواصلة
مټخافيش ان شاء الله زياد يقدر يقنعها 
تنهدت ايلينا وهى تحتضن نفسها 
خاېفة بعد كل ده وتعبنا يييجى ع الفاضى المفروض كانت ظهرت لوحدها بمجرد ما عرفت جينا مش سهلة وخاېفة تشك فى حاجة 
قطبت صوفيا حاجبيها في قلق
قصدك تشك ان يوسف لسة عايش 
لوت ايلينا فمها فى امتعاض
مستبعدش اى حاجة على حية زيها 
برقت عينا صوفيا وتحركت لتقف في مواجهتها
بس انتى ازاى قدرتى تعملى كدة وتقنعى الكل 
تنهدت ايلينا وهى تضع يدها على صدرها كأنها تستعيد الشعور بتلك الدقات المؤلمة من جديد 
تستعيد تلك اللحظات الصعبة التى مرت بها حين توقف قلب يوسف عن العمل 
كانت تصرخ وهى لا زالت تتشبث بزين دون ادنى وعى منها
قاوم يا يوسف قاوم متسيبنيش ارجوك انا اموت من غيرك حبيبى اموت 
واصل الطبيب محاولاته وسط صرخاتها المذعورة ليعود قلب يوسف للعمل من جديد 
تراجع زين الى الخلف مستندا على الحائط فى انهاك وهو يرفع نظره للسماء متمتما بكل عبارات الشكر والحمد بينما تركت ايلينا ملابسه وظلت تنظر الى يوسف طويلا حتى هتف بها لتفيق
يوسف عايش ايلينا 
لم تنتبه اليه وظلت تحملق فى يوسف كأنها لاتشعر بالعالم 
صدرها يعلو ويهبط فى انفعال دون ان تسبل جفنيها للحظة 
رفعت رأسها الى الطبيب 
هوا انا ممكن اطلب منك خدمة 
لاتدرى كيف استقرت خطة كهذه بأكملها فى رأسها وفى تلك اللحظات الصعبة التى كاد يوسف فيها ان يفارق الحياة 
اقتربت منه وامسكت بكفه هامسة بصوت متحشرج
هتقولهم انه خلاص 
واشاحت بوجهها غير قادرة على نطقها فنظر لها الطبيب فى دهشة 
هل هذه المرأة مخبولة 
دهش زين بدوره من طلبها الغريب ولكنها نظرت اليه قائلة فى حزم محاولة ان تتخلص به من هشاشتها التي تبعت هلعها في اللحظات الماضية
زين دى الطريقة الوحيدة اللى هنرجع بيها ادم ارجوكو ساعدونى لازم رد فعل ايتن وعمو محمود قدام الصحافة اللى برة دى يكون طبيعى وبعدين هبقا اعرفهم على كل حاجة 
الشىء الذى خدمها فى
تم نسخ الرابط