حتي أقتل بسمة تمردك بقلم مريم غريب الجزء الرابع..

موقع أيام نيوز

المصابيح تضيء أغلفة الكتب الجلدية المرتبة علي الرفوف الخشبية العالية التي كانت تصل إلي سقف الحجرة حين دلفت داليا حاملة كوبا من القهوة ونظرت إلي وجه عز الدين الجالس وراء مكتبه كانت ملامحه راكده تكسوها مسحة ألم غاضبة دفعت داليا إلي الإبتسام علها تخفف عنه تقدمت صوبه فإنتبه لوقع خطواتها ونظر إليها عابسا فإبتسمت وهي تضع أمامه كوب القهوة قائلة.. حضرتك بتشتغل من الصبح فقلت اعملك قهوة تساعدك علي التركيز.
قالت ذلك ثم إتجهت صوب آريكة جلدية توسطت حجرة المكتب فجلست فوقها قائلة.. تضايق لو قعدت
رمقها بإستهزاء ساخر ثم نهض وترك لها المكتب بأكمله فتنهدت بثقل ولكنها أصرت علي الحديث معه فقط لابد أن يتكلم ولا يظل صامتا هكذا نهضت وتبعته إلي الغرفة لكنها لم تجده حين دخلت ثم فجأة سمعت صوت هدير المياه بالحمام فعلمت أنه يتحمم مما أراحها قليلا وجعلها تبتسم يبدو أنه يجاهد في التخلص من كآبته إزدادت إبتسامتها إتساعا فإتجهت إلي الخزانة وراحت تعد له ملابس إلا أنها توقفت فجأة عندما سمعت صوت هاتفهه يطلق نغمته الصاخبة معلنا عن وصول رسالة جديدة إحتقن وجهها پغضب فعي تعلم أن لا أحد يرسل أليه الرسائل في هذا الوقت سواها وبكل الكره الذي تحمله لها بداخلها تقدمت صوب الفراش وتناولت الهانف ثم فتحت الرسالة لتقرأ كلمتين أثارتا غيرتها وغيظها.. وحشتني اوي.
لم تعلم كم مر عليها من الوقت وهي ممسكة بالهاتف تتأمل الرسالة الوجيزة والغيرة تنهش قلبها حتي أفاقت علي صوته.. بتعملي ايه
إرتعدت بقوة علي أثر صوته الحاد لكنها إستطاعت أن تعيد هاتفهه كما كان بسرعة فائقة غير مرئية ثم إلتفتت بثقة ونظرت إليه باسمة ثم قالت.. كنت بجهزلك هدوم.
ورفعت قطعة من ملابسه أمام عينيه فيما حمدت الله أنها كانت تمسك بها بدا غير مقتنع لكنه حدجها بقسۏة قائلا.. انا مطلبتش منك تجهزيلي اي حاجة.
.. من غير ما تطلب ده واجبي كزوجة دي ابسط حاجة ممكن اعملها.
أجابت بثبات واثق فرمقها بسخرية هازئة ثم قال.. شكلك مبتعرفيش تأدي غير الواجب ده.
أجفلت خجلة ثم عضت علي شفتها بقوة فأضاف بحدة.. بطلي تتذاكي عليا يا داليا انتي بتلعبي پالنار فاهماني
إستقبلت نظراته الثاقبة بإضطراب بينما إبتعد عنها فجأة متجها صوب الخزانة كان حقا رائعا لم تبالغ أو تكذب حين قالت أنه أكثر جاذبية في غضبه كل هذه الأفكار وترتها كثيرا فإستدارت بقوة وإتجهت إلي الفراش أخذت تستعد إلي النوم وهي تدعو أن تمر الليلة بسلام كما مرت الليالي السبع الفائتة إستلقت ثم تظاهرت فورا بالنوم العميق بينما إنتهي هو من إرتداء ملابسه فسمعته يقترب منها أحست به يعاينها ويتمعن في وجهها فوجدت صعوبة في المحافظة علي تنفسها الطبيعي المنتظم وقد راح قلبها يخفق كالمطرقة فتساءلت .. هل إنطلت عليه حيلة نومها ليس من السهل أبدا خداع رجل حاد الذكاء والملاحظة مثل عز الدين خاطبت نفسها وهي تترقب خطوته التالية بدا أنه غير مكترث كثيرا بوضعها فها هو يبتعد قليلا ويحتل مكانه بالفراش في هدوء إلي جانبها كادت تفتح عينيها قليلا وتختلس النظر إليه ثم إستقر رأيها علي تحاشي أي خطأ يورطها معه بعدما باتت تعرف عواقبها وبعد لحظات معدودة إستطاع النوم أن يجردها من التفكير والتأهب بل من الواقع بأكمله وكما حدث عادة بعد ليلة من التفكير العميق والتوتر العصيب كان نومها متقطع قلق تخللته الأحلام والكوابيس المزعجة لا تزال غير مطمئنة لوجود زوجها إلي جانبها فهو لا يزال يعاملها بقسۏة وعڼف ففي البداية كانت الأحلام متناثرة ومتداخلة ضمت أشخاصا وأمكنة وأحداثا لا علاقة بهم تربط فيما بينهما علي الإطلاق ثم إتضح الحلم فجأة وعاد بها إلي اللحظات التي سبقت حاډث عبير بليلة واحدة تلك الليلة الأولي بحق بينها وبينه تذكرت كافة التفاصيل وتراءت لها أيضا صورة تلك المرأة التي راقصت زوجها بالحفل أخذت تحس وكأنها تعيش المواقف والأحداث من جديد وبشكل حقيقي جدا فضاق نفسها بشدة وراحت تنتفض في فراشها محاولة الخلاص من عذاب الحلم وإنطلقت منها فجأة صړخة ذعر هائلة وهي تقاتل من أجل حريتها في ذلك الکابوس الثقيل فأنتفض عز الدين بمكانه مستيقظا علي أثر صړختها ثم أسرع وأضاء مصباح الطاولة المجاورة للفراش.. في ايه
سألها وهو يمسك ذراعيها بكلتا يديه فيما كانت ترتجف پذعر بين يديه وكانت عيناها تعكسان الخۏف العميق الذي مازالت تشعر به جراء الکابوس.. ك كابوس.
أجابته بصوت مبحوح ثم قالت معتذرة و شفتاها ترتجفان بشدة.. اسفة اني صحيتك.
رمقها بنظرة قاسېة ذات مغزي فاجأتها تلك النظرة فهزت رأسها قائلة بعدما خمنت مغزي نظرته.. بتبصلي كده ليه ماظنش انك معتقد اني بحاول اقربك مني بتصرفاتي انا فعلا شفت كابوس مقصدش يعني.
.. لو تقصدي ايه المشكلة
إشټعل وجهها و هي تقول بإرتباك.. لأ لأ طبعا مش قصدي أ.
.. اسكتي.
قاطعها بحدة ثم صمت قليلا وقال متهكما.. مشكلتك يا داليا انك بتتعاملي معايا انا واكيد لأ ده واضح جدا ان خبرتك قليلة مش زيي بس لازم تفهمي ان مش انا اللي بتأثر بدموع الستات زي غيري ولا بتأثر حتي بالجمال انا بقدر اتحكم في نفسي كويس وقت ما ببقي عايز علي عكسك انتي.
عليه اللعڼة خاطبت نفسها إنه يعتقد أنها تفتعل تصرفاتها عمدا كي تثيره وتجذبه إليها يا له من شيطان خبيث.. بس علي اي حال مافيش مشكلة احنا متجوزين.
رن صوته بإذنها هازئا قاسېا فأحست بمقاومتها المتلاشية تعود إلي التصلب فقالت بقوة نافية التهمة.. انا مبفكرش في الحاجات دي خالص.
ولكي تثبت صدق كلامها نظرت إلي عينيه مباشرة ولكن قوتها لم تنجح تماما إذ قرأت في نظرته شيئا جعلها ترمش مضطربة وفي اللحظة نفسها إنحني بغاية اللطف والرقة وعانقها حاولت الإفلات حتي خارت قواها وهدأت فرفع يده وأبعد خصلاتها الحريرية عن جبهتها وأذنيها فأبعد وجهه عنها قليلا وغمغم ساخرا.. كنت بحسبك مبتفكريش في الحاجات دي خالص!
لسعتها جملته الهازئة وأشعرتها بعجزها عن مقاومة إرادتها العاطفية فإندفع اللون الأحمر إلي خديها وقالت.. تصرفاتك هي الل ...
.. مش عارف ليه دايما بتدوري علي مبررات!
قاطعها بخفة ساخرة فأجابته غاضبة.. عشان تصدقني.
.. انا مبقتش اصدق حد.
غمغم بخشونة وهو يضمها مجددا وهتفت في نفسها الكلمة التي تتحرق شوقا لتهمسها بأذنه..بحبك!

تم نسخ الرابط