فإذا هوى القلب لمنال سالم
المحتويات
غير متقن
اقترب منه الحاج زقزوق معنفا إياه بغلظة
مش تركز يا واد الشغل هيبوظ منك!
انتبه لصوته الصبي حسن ورد عليه بضجر
سأله الحاج زقزوق بعدم اقتناع
ليه يا فالح
ابتلع حسن ريقه وهو يجيبه بتلعثم
نظر له الأخير بتفرس وهو يسأله بجدية
في ايه يا حسن ما تقول على طول
رد عليه بنبرة متوجسة
أومأ الحاج زقزوق متسائلا
اه مالها
أجابه بنبرة قلقة
ارتفع
حاجبي الحاج زقزوق للأعلى هاتفا بتوجس
بتقول الريس منذر
ايوه وهو حپسها في الدكان و
رفع الحاج زقزوق كفه أمام وجهه صائحا بصوت آمر
مالناش دعوة!
بس حرام دي طيبة وغلبانة يا معلم يعني
قاطعه الحاج زقزوق بجدية وهو يشير بسبابته محذرا
طيبة ولا مسكينة وفي حالها ده يخصها هي واد يا حسن أنا مش ناقص أعلق مع الريس منذر وعيلته خلينا في حالنا هو حر يعمل اللي هو عاوزه! وركز انت في شغلك!
ملت من إنتظارها الذي طال وهي تترقب عودته إليها جابت بأنظارها من حولها بتوتر بائن على تعابير وجهها تأخر الوقت كثيرا وهي مضطرة للعودة إلى المنزل
هبت واقفة من مقعدها محدثة نفسها بضجر
شكله نساني هاروح أسأل بنفسي جوا!
تحركت للداخل عاقدة العزم على إنهاء الأمر بنفسها
أوقفت أسيف أحد العساكر متسائلة بارتباك
لو سمحت أنا عاوزة اتنازل عن بلاغ عملته من بدري أروح لمين
أشار لها العسكري بيده قائلا بجدية
الصول هناك أهوو روحيله!
استدارت برأسها إلى حيث أشار فرأت ذلك الصول الذي دون المحضر لها
تهللت أساريرها المتشنجة وهتفت ممتنة
متشكرة!
أسرعت في خطاها نحوه هاتفة بابتسامة باهتة
من فضلك يا شاويش
حدق فيها الصول بنظرات جامدة وهو يسألها بجدية
انتي تاني عاوزة ايه
أجابته بصوت مرتبك وهي ترمش بعينيها
أنا انا جاية أتنازل عن البلاغ اللي عملته ينفع
حدجها الصول بنظراته القوية قائلا بجمود حاد
ده مش لعب عيال يا ست!
ضغطت على شفتيها قائلة بتوتر
معلش أنا مش حابة أتهم حد مش متأكدة منه!
عبس الصول بوجهه وهو يصيح بضجر
المحاضر مافيهاش معلش ده ورق رسمي وشغل حكومة يعني فيها بلاغ كاذب وحبس!
توترت من عبارته الأخيرة وهتفت متوسلة بنظرات راجية
الله يكرمك يا شاويش أنا مش قصدي والله بس مش عاوزة أظلمه!
على الجانب الأخر رأها المخبر تحدث الصول المسئول عن تحرير المحاضر فتوجس خيفة مما قد تفعله
تابع اتصاله الملح على منذر قائلا لنفسه
فينك بس يا ريسنا!
ولج إلى داخل غرفته باحثا عن هاتفه المحمول الذي لم يتوقف عن الرنين
وجده على التسريحة فالتقطه بيده وحدق في شاشته
قرأ إسم المخبر صادحا فأجاب عليه توا
ألو
أتاه صوته المزعوج هاتفا
ريس منذر الحمدلله إنك رديت
تجمدت تعابير وجهه وهو يتسائل باهتمام
خير في ايه
أجابه المخبر بجدية
البت إياها يا ريس اللي قدمت فيك البلاغ موجودة من بدري في القسم والظاهر كده عاوزة تشوف المحضر اتعمل فيه ايه
احتدت نظرات منذر وتصلبت قسماته وجهه إلى حد كبير
رد عليه بصوت قاتم رغم هدوئه وقد ضاقت نظراته للغاية
خليها تعمل اللي هي عاوزاه وأنا هاتصرف معاها
أضاف المخبر قائلا بحذر
تمام يا ريسنا أنا قولت أعرفك باللي حصل
رد عليه منذر باقتضاب
ماشي روح شوف شغلك ولو جد حاجة عرفني!
هتف المخبر بحماس
انت تؤمر يا ريس!
أنهى منذر المكالمة معه ثم نفخ بصوت مسموع مغتاظا من عنادها الأحمق
كور قبضة يده ضاغطا على أصابعه وهو يحدث نفسه بنبرة محتقنة
مابقاش ورايا إلا انتي وبس يا بنت رياض!
ذرع الرواق ذو الإضاءة القوية ذهابا وإيابا وهو يضغط على رأسه پخوف كبير توقف عن الدوران واستند بظهره على الحائط معلقا أنظاره على ذلك الباب المتحرك أغمض عيناه بصعوبة معيدا في ذاكرته مشهد رؤيتها غارقة في دمائها بعد إعتدائه الۏحشي عليها
فتح جفناه سريعا وزفر بقلق فاركا وجهه بعصبية
الټفت برأسه للجانب الأخر حينما سمع صوتا مألوفا يناديه
مازن!
ارتسمت علامات الإندهاش على محياه عندما رأى أخاه الأكبر متواجدا مع أبيه
سار ناحيته هاتفا بعدم تصديق
مجد! حمدلله على سلامتك كفارة يا أخويا
احتضنه أخاه بذراعيه مرحبا به وربت على
ظهره قائلا بصوت آجش
الله يسلمك
ثم تراجع للخلف ليرمقه بنظرات غريبة وهو يقول
اجمد ياض في ايه إنت هاتعيط!
ضغط مازن على شفتيه محاولا السيطرة على توتره المفرط بينما تابع مجد حديثه الجامد
هي مراتك أول واحدة تتعب مافي نسوان كتير زيها!
نظر له مازن بنظرات زائغة وقد بدا غير طبيعي بالمرة
تساءل مهدي بقلق
ايه اللي حصل يا مازن أنا مفهمتش منك حاجة في التليفون!
أجابه ابنه بارتباك كبير
أنا معرفش عملت كده إزاي بس بس والله ڠصب عني هي اللي عصبتني!
اتسعت مقلتي مهدي بتوجس بائن وهتف صائحا بنفاذ صبر
ما تنطق عملت ايه معاها
سرد مازن على عجالة ما دار مع زوجته وما إرتكبه من تهور طائش قد أدى إلى حدوث ڼزيف دموي لها
زاد الوجوم على وجه مهدي وهو يصيح مستنكرا
الله يخربيتك! إنت عملت مصېبة ووقعتنا مع شادية! امتى بس هاتفكر بعقل وترحمنا من بلاويك!
رد عليه مازن بتبرم
جرى ايه يا حاجده وقت تقطيم!
أضاف مجد قائلا ببرود وقد بدا غير متأثر بما صار لزوجة أخيه
بالراحة يا أبا عليه مراته وبيعلمها الأدب مغلطش يعني! حقه!!!
نظر له مهدي شزرا وهتف بحدة
اسكت انت يا مجد أخوك مش ناوي يجيبها لبر أبدا!
ابتلع مازن ريقه متمتما بخفوت
ربنا يستر بس وما يتفتحش سين وجيم في الموضوع ده أنا خاېف من كده!
حذره أخاه بجدية صارمة
اياك تنطق بحرف خليك على وضعك !
أضاف والده بتوجس
أنا هاكلم المحامي وأشوف هايقولي ايه
في تلك اللحظة خرجت الطبيبة من داخل غرفة العمليات ممررة أنظارها على ثلاثتهم وهي تقول بنبرة عملية
حضراتكم قرايب المدام
رد عليه مازن بإيماءة واضحة وهو يقترب منها
أيوه أنا أنا جوزها!
ضغطت الطبيبة على شفتيها قائلة بحزن مصطنع
للأسف ملحقناش الجنين المدام أجهضت!
حدق فيها مازن بجمود وهو يقول پصدمة
يعني يعني الواد نزل
حاوط مهدي ابنه من كتفه ووقف مجد إلى جواره
بينما تابعت الطبيبة قائلة بصعوبة
ايوه وللأسف صعب المدام تحمل تاني حصل تهتك في جدار الرحم واضطرينا نستأصل جزء منه!
حلت الصدمة على أوجه الجميع عقب تلك العبارة المفجعة ولم يصغ ثلاثتهم إلى تبريرات الطبيبة الطبية لأسباب تدخلها الجراحي فقد كان عقلهم مشغولا بتبعات ما سيحدث لاحقا خاصة مازن
تنهدت بإرهاق وهي تسير بخطى بطيئة عائدة إلى المنزل
لم تظن أنها ستتمكن من إقناع الصول بالتراجع عن المحضر دون التسبب في أذى لها
وضعت يدها على عنقها تفركه بحركة خفيفة وتحركت بثبات نحو مدخل البناية
دوما كانت تتحشى النظر إلى تلك البقعة تحديدا
لا يزال أثرها الجاف باقيا رغم مرور فترة على حاډثة مۏتها
شعرت بغصة قوية في قلبها وأدمعت عيناها تأثرا بذكراها التي لم تفارقها
أغمضت عيناها مانعة نفسها من البكاء وهي تسرع في خطواتها نحو الدرج
تنفست بعمق وأخرجت من صدرها تنهيدة تحمل الكثير مما في صدرها
وصلت إلى الطابق المتواجد به منزل عمتها ودقت الباب عدة مرات منتظرة فتحه
مرت عدة لحظات دون أن يأتيها أي رد من الداخل
مالت برأسها عليه ودقت مرة أخرى بعد أن قرعت الجرس
مازال الصمت هو سيد الموقف
انتابها القلق وتساءلت مع نفسها بحيرة
مش معقول يكونوا ناموا! شكلهم مش في البيت!
عضت على أناملها تفكر في سبب غياب عمتها وابنتيها عن المنزل ثم تلفتت حولها بنظرات حائرة تفكر فيما ستفعله ريثما يعدن من الخارج
تنهدت بتعب وقررت الجلوس على الدرج
إستندت برأسها على مرفقها وأخذت تفرك بيدها جبينها
كان اليوم ثقيلا عليها محملا بالكثير من الأحداث
انتفضت في مكانها مذعورة حينما سمعت صوت باب ما يفتح فجأة
هبت من مكانها واقفة وأمسكت بالدرابزون لتنظر إلى الأسفل
رأت إحدى الجارات وهي تلج من منزلها لتنفض
إحدى السجاجيد
رفعت الجارة خضرة بصرها للأعلى لتجد تلك الشابة محدقة بها
رسمت على ثغرها ابتسامة ودودة وهي تهتف قائلة
ازيك يا بنتي عاملة ايه دلوقتي
ردت عليها أسيف بابتسامة باهتة
الحمدلله!
تابعت الجارة خضرة قائلة بحماس
أنا دايما بسأل عليكي عمتك وهي بتطمني عليكي
ردت عليها أسيف بإيجاز
الله يكرمك
حافظت خضرة على ابتسامتها العريضة وهي تضيف
ماشاء الله شكلك اتحسن عن الأول أنا جيت أشوفك أيام عزا المرحومة أمك بس انتي يا حبة عيني مخدتيش بالك مني!
ضغطت أسيف على شفتيها مرددة بهدوء
معلش!
سألتها خضرة بفضول وهي تعقد ما بين حاجبيها
انتي واقفة كده ليه صحيح
أشارت أسيف بسبابتها للخلف وهي تجيبها بعفوية
محدش موجود جوا
وضعت خضرة إصبعيها على طرف ذقنها قائلة بإستنكار
ايه ده هي لسه عمتك مجاتش من عند الست جليلة
تفاجأت أسيف مما قالته فهي لم تتوقع قيام عمتها بتلك الزيارة الغريبة خاصة بعد الخلافات التي سادت مع عائلة منذر
أكملت خضرة حديثها موضحة بسجيتها
أصلها كانت رايحة عندهم من بدري انتي عارفة بقى هما معارف في بعض!
ابتسمت بتكلف وهي تقول بود
بس زمانتها على وصول تعالي عندي يا بنتي شوية بدل ما تفضلي على السلم كده!
ردت عليها أسيف بتجهم قليل
كتر خيرك أنا هستناها هنا!
استنكرت خضرة رفضها قائلة بإصرار
مايصحش ده انا زي خالتك تعالي يا حبيتي!
هزت أسيف رأسها نافية وهي تصر على رأيها
شكرا أنا مش عاوزة أضايق حضرتك!
ردت عليها خضرة بعبوس
مضايقة ايه بس ده احنا كلنا جيران وعيلة!
ابتسمت لها أسيف قائلة بتهذيب
الله يكرمك يا رب
تابعت خضرة حديثها الجدي هاتفة
بالحق عاوزاكي تقولي لعمتك حاجة لأحسن نسيت أقولهالها!
نظرت لها أسيف قائلة باهتمام
اتفضلي
أوضحت خضرة غرضها مشيرة بيدها
في مشتري لعفش نيرمين اللي متساب في الحوش واحد ابن حلال عاوز يشتريه بسعر كويس!
بدت أسيف متفاجئة إلى حد كبير بعد جملتها تلك ورددت پصدمة ملحوظة
عفش نيرمين!
تردد خضرة في إخبارها أن ذلك الأثاث هو المتسبب في ۏفاة والدتها ورغم ذلك ردت بارتباك قليل
ايوه اللي يعني وقع على المرحومة ماهو كان محطوط تحت وقت اللي حصل ربنا يرحمها!
حل الوجوم المصحوب بالذهول التام على تعابير وجهها
فوقت حدوث تلك الفاجعة لم تتقبل أسيف بسهولة ما أصاب أمها الحبيبة ولم يأت بمخيلتها مطلقا أن يكون المتسبب في مقټل غاليتها هو أثاث تلك الجاحدة التي تعاملها بسوء من أول لحظة رأتها فيها
بل لم تعوضها بعد ذلك عن هذا واستمرت في الإساءة إليها وإھانتها بشتى الطرق
أظلمت نظراتها وغلت الډماء في عروقها
تهدجت أنفاسها وتشنج جسدها ثم صاحت متسائلة بنبرة تحولت للإحتقان
بتقولي ايه هو كان عفش نيرمين !!!!!
يتبع التالي
الفصل السابع والثلاثون
تجمدت لوهلة في مكانها محاولة استيعاب الأمر من كافة الزوايا والاتجاهات فتحول صوت تلك الجارة تلقائيا إلى الصمت رغم تحرك شفتيها
بدت كالصنم وهي
متابعة القراءة